وأنا كنت جالساً في هدوء , أمامي صديقي يثرثر , وأنا أفكر في كمية الكاتشب التي يجب وضعها على سندوتش البطاطس لكي يكون جيداً .. "الجوع كافر .. الجوع كافر .. الجوع كافر .. الجوع كافر " .. وذهني عاجز عن التوقف .
وأنا كنت جالساً في هدوء , بجواري مجلة ميكي التي إشتريتها منذ لحظات , وحقيبتي على الكرسي المجاور , منتظراً أن يتم النداء علي الطعام الذي طلبت .
وأنا كنت جالساً في هدوء , ذلك الهدوء الذي انقلب إلى سرعة في الحركة وعبقرية في الأداء وأنا أضع الطعام أمامي , و أبدأ في إفناء وجوده المادي .
وأنا كنت آكل في هدوء , وصديقي لازال يثرثر , و الرجل الذي يجلس على الناحية المقابلة يميل عليه فجأة ويقول :
_ " هو النهاردة كام في الشهر يا رجالة ؟ " 
بطبيعة الحال لم أنطق أنا بكلمة , و بدأت في التفكير في روعة الكاتشب مهما كانت كميته .
صديقي نظر في ساعته ثم قال :
_ " النهاردة عشرين " 
الرجل هز رأسه وقال :
_ " آآآآآآآآة .. همممممممم"
صديقي نظر لي, وأنا نظرت له بطرف عيني , وانا أستمر في البلع ..  وقبل أن يفتح فمه بكلمه وجد الرجل يميل عليه مرة أخرى ليقول :
_ " هو من يوم تسعة لعشرين كام يوم ؟ " 
صديقي نظر لي , وقال للرجل وهو يصب بعض الماء في الكوب الزجاجي الذي أمامه , وأنا توقفت عن المضغ , ونظرت للرجل , ثم هززت كتفي و أنا أعود لنقاشي العلمي المهم مع التشيز برجر.. 
صديقي قال في هدوء :
_ " حداشر يوم " 
الرجل عقد حاجبيه .. ونظر لي ثم قال :
_ " حداشر يوم .. آآآآآآآآة .. همممممممم .. " 
ثم نظر لصديقي وأكد وجهه نظره :
_ " همممممممم"
صديقي نظر لي , وأنا كنت أشير له بحركات محمومة أن يأتيني بالماء لأنني سأختنق من الضحك !