الأربعاء، 14 أكتوبر 2020

ملاحظة سريعة عن المشاعر

هو من الواضح إن جميع المحاولات البشرية للتواصل، بداية من رسائل الدخان، وحتى استخدام الوجوه التعبيرية على شاشات الهواتف اللوحية، محكوم عليها بالفشل، تماماً، تماماً، إلى أن تصل التكنولوجيا لوسيلة نقدر من خلال نقرأ أفكار بعض بوضوح تام، وعندها سنكون قد توصلنا إلى حل 75 % من مشكلة التأويل، وإعادة تأويل الكلام والأفعال، ثم سنكتشف أن هناك 25 % ناقصين، لأن أحياناً الواحد نفسه بيفكّر في أفكار عكس اللي هو بيفكّر فيها عادة، أو عكس اللي هو بيعمله عادة، ولأن أحياناً بتكون الأفكار نفسها متطايرة، وتتبخّر بنفس سرعة تكوّنها، وجايز تكون أفكار بلهاء يعرف الواحد أنها بلهاء، أو هواجس لا معنى لها، يا ترى البنت اللي بحبها كانت عايزة تقفل التليفون عشان محتاجة تقوم تشتغل، ولا عشان زهقت من الكلام معايا؟ هو أنا ممل؟ ايه دا ! كولد بلاي نزلوا أغنية جديدة، حلو شكل اليوتيوب الجديد، يا رب ألحق أخلص شغل أنا كمان، يا ترى هي لسه بتحبني زي زمان؟ ايه دا؟ أنا نسيت الشاي ! هروح أزوّد الميّة، أنا مبحبش الشاي، يا ترى هي لسه بتضحك على افيهاتي بجد ولا أنا فقدت لمستي؟ عايز أشوف فيلم بقالي كتير مشفتش أفلام. إيه الصوت دا؟ أنا جعان. 

فيبدو إنه حقيقي مفيش فائدة حقيقة قد تعود علينا من قراءة أفكار بعض، حيث برضة لو عرف الواحد ما يدور في عقل مراهق وجارتهم بتنشر الغسيل في البلكونة المقابلة بقميص النوم، غالباً هيكره نفسه والبشرية وهيشوفه كحيوان لم يصل إلى الربع الأول من سلسلة التطوّر، هو نفس عقل المراهق، اللي هيسمع أغنية لفيروز، ويفكّر في حبيبته اللي بيشوفها في درس العربي 3 مرات في الأسبوع، ويكتب لها قصيدة عن إنه هيزرعها وردة في بستان أحلامه. 

يبقى الحل الوحيد إذن لتحقيق الـ25% الأخيرة، هي إننا نكون الناس اللي عايزين نقرا أفكارهم. نكونهم بالفعل، ونضحي بجزء كبير من تفرّدنا الشخصي، ومساحتنا التي نرى فيها أننا نختلف عن كل إنسان في العالم، ونعرف إن زيهم زيّنا، وإنهم أحياناً بيبقوا محتاجين يستحمّوا، أو أحياناً ممكن يتنرفزوا، أو أحياناً ممكن يبقوا سخفاء ومملين، وإن مفيش مشكلة لو كنا إحنا مملين أحياناً، لأننا مش على مسرح بنحاول نضحك بعض طول الوقت، وإن عادي الواحد ميكونش في دماغه حاجة غير عن شكل اليوتيوب الجديد، أو إن يبقى الواحد مزاجه زالخرا لما يبقى عايز ينام.. 

يعني بإختصار، وعلى قد ما هذه الجملة تبدو كليشيهه وأعيد استهلاكها من فلاسفة كبار وصغار، يبدو إن مفيش حل عشان نفهم من نريد فهمه، إلا إننا نحبه، بنفس منطلق إن الإيمان لا يكتمل حتى يحب الواحد لأخيه ما يحب لنفسه. ويعني يتمنى الواحد حقيقي في أوقات كهذه، إنه يتصالح مع كليشيهاته أكتر، ويكون قادر على قول ما يراه حقيقيّاً، حتى لو أشترك في معناه مع تامر عاشور.

المتابعون