لم يكن الأمر شجاعة مفرطة مني ، لكن رأي عم أحمد كان عكس ذلك على ما يبدو ، لأنه نظر لي بإعجاب ثم أستكمل ما كان يفعله . بصراحة ، ليس الأمر أنني لا أخاف ، الأمر كان أنني جائع جداً ، والوقت قد تآخر ولابد من العودة قبل أن تبدأ أمي في القلق . لهذا فقد تجاهلت تماماً الخناقة الدائرة على بعد مترات مني ، وأستكملت الأكل .لم ألحظ أن الخناقة دخلت فيها السكاكين السنج إلا عندما قطع عم أحمد ما يفعله وصرخ : نزل السنجة دي بقا وامشي من هنا يابن الو*** .. عندها فقط رفعت رأسي عما أنا منهمك فيه لأجد أن الشاب الممسك بالسنجة يصرخ : يعني عاجبك يا عم أحمد ياخد الأمانة ؟ ، ثم بدا وكأنه ملبوس بالكلمة حيث أخذ يكررها وهو يسحل الفتى الآخر الذي لاحظت الآن فقط أنه ملقى على الأرض : ياخد الأمانة يعني ؟ .. ياخد الأمانة ؟ .. ثم ناظراً للمسحول : ما تيجي تلبسني طرحة أحسن يا عـ** .. تحرك عم أحمد ، الذي بدأت أفهم أن له سلطة تتجاوز بائع الفول على عربة متهالكة ، و أمسك مغرفة الفول التي بدت كسلاح تافة ، ثم جرى ناحية الفتى وضربه بها على ظهره وهو يقول :انت ملكش كبير يا حمادة يعني ؟ بقولك نزل البتاعة النجسة دي يبقا تسمع الكلام ..حمادة سمع كلام عم أحمد وخفض السنجة ، وترك الفتى الذي بدا أنه فقد الوعي .. وبمجرد ما فعل هذا ، عاد عم أحمد للعربة ، وسألني دون مقدمات : شفت لما حمادة كبر لي ؟وأنا قلت له أنني رأيته وحمادة بيكبر له ولكن بصراحة لم أتابع الخناقة لأنني كنت جائعاً جداً .. ولهذا السبب تحديداً لم أتحرك من مكاني ، في حين أن جميع الواقفين جواري تحركوا لمكان أكثر أمناً .هز عم أحمد رأسه وقال لي : اتخانقت قبل كدا ؟ .. يعرف عم أحمد أنني طبيب في طور التكوين ، لهذا كان يعاملني معاملة خاصة ، مزيد من السلطة ، مزيد من الفول ، مزيد من الزيت ، ومزيد من المودة ، ورفض الاثنين جنية الذين أعطيهما له ، حيث يظل يقول بصوت عال نسبياً : خلاص يا دكتور .. علينا المرة دي بقا يا دكتور .. خلاص بقا والله .. رجل طيب .قلت له أنني تشاجرت كثيراً في الواقع ، كثيراً جداً .. لهذا قال لي : اسمع بقا .. لما تتخانق ، اوعا تهدا .. صدقني ، اللي بياخد الخناقة ، مش الأجمد ولا الأرجل .. اللي بياخدها الأجن .. خليك مجنون وأرمي نفسك ..هززت رأسي ، قال لي : وخاف على زميلك .. اضربه ، بس ربنا مبيسامحش في التعوير ..
الثلاثاء، 20 أبريل 2010
هكذا تحدث عم أحمد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليقان (2):
مايبهرني أكثر من قدرتك على التقاط تفاصيل واقعية، مداومتك على الكتابة، أي أن الإحباط الذي أصاب المدونين المبدعين لم يتمكن منك.
أعرف أن لك معجبين كثيرين، وأنا منهم :)
إرسال تعليق