الاثنين، 24 يونيو 2019

سبع عشرة فائدة لتذكر إيقاع قصيدة


لفترة وأنا مسيطر على دماغي إيقاع قصيدة قريتها في مكان ما، ومش قادر أفتكر قريتها فين بالضبط، ولا عارف حتى بالتقريب أي شيء متعلق بيها، ربما لم ألق لها بالاً أثناء القراءة، ولكنها ككل شيء أصيل لا نلقي له بالاً أثناء وجوده أمامنا، يعود ويطاردنا حين نظن أننا بمأمن منه، كل اللي عارفه إنها كانت بالإنجليزي، وإنها -لتعقيد الامور أكثر وأكثر- كانت جزءًا من محتوى ما على الإنترنت، لا المتن الأساسي، وبالتالي تزداد صعوبة البحث عن أي شيء له علاقة بها، خاصة إني مش فاكر أصلاً ولا كلمة منها، كل اللي بيتردد في دماغي: "دَن دَن دَن دَن دَن دَن دَن دا / دَن دَن دَن دَن دَن دَن دَن دا"، ثم يتكرر هذا مرة ومرة ومرة ومرة، وهكذا للأبد.. للأبد.. للأبد.. للأبد. الدن دن هذه لا تعني شيئًا من الأصل، لأن أي شيء يمكنه أن يكون الـدن دن بسهولة. 

كل هذا، طبعاً، يجبر الواحد على التفكير في الرحلة التي قطعها الشعر، بداية من اكتشاف البشر لقدرتهم على استخدام أحبالهم الصوتي، ثم استخدام هذه الأحبال في تكوين ما سيثبت ككلمات، ثم اكتشاف أن بعض الكلمات تشبه بعض الكلمات الأخرى، ثم الاكتشاف العظيم: الإيقاع. شيء ما ينتج، ليس عن تشابه الحروف، بل من الإحساس العام الذي يتولد في الدماغ، حين يقرأ الواحد مجموعة كلمات تجاور بعضها بطريقة معينة. ولد الشعر من هذه اللحظة، قبل أن نضفي عليه معنى ما، قبل اختراع المجاز، كان الإيقاع أقرب للظواهر الطبيعية.

قررت أرجع لتاريخ البراوزينج، وكذلك البوكماركس، ومن هناك قضيت عدة ليال اكتشف في عالم غريب تركته يرعى في الظل، غابة صغيرة من اللينكات لم أكن أعرف أنها تحت سريري، مواضيع مريبة لا أعرف سبب اهتمامي بها، أو لماذا قررت -في لحظة ما- أنه من الواجب علي معرفة 17 فائدة للبكينج باودر غير استخدامها في الكيكة.

عموماً في لحظة معينة قريبة قادمة، سأكف فيها عن البحث، وأتعايش مع حقيقة إن الـ"دَن دَن دَن دَن دَن دَن دَن دا / دَن دَن دَن دَن دَن دَن دَن دا"، أصبحت جزءاً أصيلاً من أفكاري وتصوّراتي عن العالم، وهذا التصالح هو ما يسميه البشر بالنضج.. أو لا بصراحة. غالباً لم يتفق لم يُسمّ البشر شيئاً كهذا لأنهم مشغولون طبعاً باكتشاف 17 فائدة للبيكنج باودر وغيرها من المواضيع المهمة التي حرّكت التقدم البشري للأمام، وإن كانت لم تنفعنا في رحلة البحث عن تعبيرات تصف ما نحن فيه، مثل التعبير عن التصالح مع بقاء إيقاع قصيدة في الوعي، بعد ضياع كلماتها.

ليست هناك تعليقات:

المتابعون