السبت، 23 أبريل 2016

كمقبض باب مثبت في جدار

كل عبارة لم تصب هدفها، تعود لتنتقم مني، كل وصف خاب في التماثل مع موصوفه، يفسد أي محاولة أخرى قادمة. لو شبهت الشمس بغير ما يرضيها لانطفأت، لو قلت عن الشجرة ما لا تقوله الشجرة عن نفسها، تسقط أوراقها، تتبدّل، ربما إلى حطب، ربما تتحول إلى طائر. تثمر أو يسقط ثمرها. التنين الأزرق الذي يلعب الكرة وهو يركب دراجة حمراء، لم يوجد قط، لكنه يوجد الآن، الجسر الذي أمشي عليه في خيالي، بعد أن صنعته بصبر ودأب، يخدع غيري، يتسبب في سقوطه من حالق بعد خطوتين في الفراغ. لكن الفتاة التي ابتسمت لي، أضاءت قلبي، في المجاز، وبنفس القدر في الحقيقة، حتى أنني كنت مميزاً وسط العتمة.

الاثنين، 4 أبريل 2016

الموضوع كان نوعاً ما قريب من كدا: قريت كتاب حلو، وعايز أقول عنه كلمتين. لكن الموضوع الذي يبدو بسيطاً، تحول إلى شيء ما عملاق، يصعب الحديث عنه، واكتشف الواحد في نفسه، إنه معادش فيه نفس. وإنه بمجرد كتابة جملتين، يشعر بعدها بدرجة من الأرهاق قادم من لحظة: هريّح شوية وصحّوني على الغدا. أعتقد دا له سبب ما، لكني فعلاً مش قادر أدور عليه. حاسس إنه بعيد، وإن رحلة البحث عنه مرهقة، والأسوأ، بلا جدوى حقيقيّة. 
بفكر دلوقتي إن دي أول مرة، من ساعة ما بدأت كتابة في المدونة دي، أتكلم فيها بشكل واحد وصريح بصوتي، صوتي الشخصي، مش استعارات لأصوات أخرى، دا طبعاً ممكن يكون لأن المدونة (أنا كمان بقيت أشير للوسيط الذي تتم عبره الكتابة)، بعيدة شوية عن العالم المعتاد اللي كنت بتحرك فيه خلال الفترة اللي فاتت، عالم الفيسبوك، المقالات في الجرايد، البلا بلا بلا. وبفكر دلوقتي برضة، إنه جايز أكون بتكلم عن الـ"كتابة"، لأنها عملية معادش لها سحرها السابق، مش إني فقدت الإهتمام. لأ، إني تعبت. العامية ينطبق عليها نفس الفكرة، لأن الفصحى عموماً وسيلة تأسيس وبنيان، قبل أي شيء.
ناصر، صديق طيب هو، بيقولي إني ساعات بتحرك وبعيش، وكأني جزء من رواية. ناصر مقراش دستويفسكي، لأن دستويفسكي بيقول إن طموح البشر، هو أن يصيروا في النهاية شخوصاً روائية، هو بيقول دا طبعاً من قبيل إن الإنسان بيحاول بشتى الطرق إنه يلاقي سياق، نسق واضح منتظم يتحرك من خلاله. كل هذا تفتقده الحياة طبعاً، بكل عشوائيتها وصخبها، وسوء نهاياتها، أو انعدامها.
المهم، يعني كان الواحد قرا رواية، تمتليء بأشخاص يشعرون بالذنب، وثقل أفعالهم السيئة، ويقضون أوقاتاً طويلة بعدها يكفّرون عن هذه المشاعر السيئة التي تستولي عليهم. أو يتهرّبون من مسئولية أفعالهم، ويقضون الباقي من أعمارهم يحملون هذا العبء فوق الظهور. العبء اللي ممكن يكون معناه الإنجليزي أوضح grudge الشيء الجاثم. الحِمل. إلخ إلخ. يعني. المفروض الكلام دا، عديم السياق، ينتهي -كمحاولة إنقاذ أخيرة، واستخلاص نسق ما- فجأة.

المتابعون