الأحد، 11 مارس 2012

إني آنست ناراً


لم أكن طفلاً لين المعشر بشكل عام، في بدايات محاولة أبويّ تعليمي الصلاة بشكل منتظم، والتي كنت أقاومها بشراسة، وجدت الفرصة لسؤال جدي لأمي، الذي كان أزهرياً متديناً بشكل مفرط، عن السبب الذي يجعل كل الناس واثقين فعلاً من وجود الله، في حين أن أحداً لم يره يوماً..
كنا جالسين في شرفة البيت، هو ترك الكرسي كالعادة، وفرش سجادة الصلاة التي احتفظ بها منذ أن صلّى عليها أثناء الحج، وأنا اتجول على قدمي ذهاباً وإياباً، اسند ظهري قليلاً على الحائط واقول له: سيدنا موسى شاف ربنا.. 
يهز رأسه نافياً، يكرر لي أن أحداً لم ير الله فعلاً. كان أشعرياً، وبالتالي كان يؤمن بأن الله لم يظهر لسيدنا محمد حتى في الاسراء والمعراج.. 
ابتسم، قال لي أن سيدنا موسى أراد أن يشاهد الله جهرة، فقال له الله أن ينظر إلى الجبل، إذا احتمل تجلي الله، فسيظهر لموسى، وهو ما لم يحدث، تحول الجبل إلى تراب، بمجرد التجلى، والتجلي أقل درجة من الظهور حتى.. لكن الجبل لم يحتمل هذا، أصبح هشاً تقدر نسمة هواء على تفتيته قال لي هذا بإشفاق، حتى في هذه السن، ميزت نبرة الاشفاق هذه. قلت له أنني لا أفهم أي شيء.. تنهد وقال لي أنه أيضاً لا يفهم شيئاً.. حتى التجلي لموسى، أو طمأنة قلب إبراهيم، كانا لأنبياء، ونحن لسنا إلا مجموعة من البشر الذين لا وزن لهم.. 

في محمد محمود، ووسط الضرب، كان هناك ذلك الرجل.. لا أعرف إن كان مجذوباً أم درويشاً، 
أم أنه أساساً خيل إلي من فرط رعبي،
 لحيته الطويلة كانت ترجح كفة مجاذيب السيدة، لكن ملابسه، وهيئته التي استطعت تمييزها وسط الظلام كانت تقول إنه واعٍ تماماً  .. لكنني رأيته وسط الشارع، والرصاص يشق الهواء أسرع من جملة " خد بالك" التي نملك ترفها حين نتعامل مع الغاز، وتصبح عبثاً حين يبدأ الرصاص، رأيته وسط كل هذا يسجد، وسط الشارع بالظبط، وأنا شعرت أنني أتحول لترابٍ وأنني سأتهاوي لو مستني الريح كجبل موسى.. 


المتابعون