الجمعة، 23 سبتمبر 2011

طعم الماء



كل يومين ثلاثة، غالباً بعد منتصف الليل، وفي الوقت الذي أفعل فيه الأشياء الطبيعية التي يفعلها البشر بعد منتصف الليل، اقرأ مثلاً، أشاهد فيلماً ما، أذاكر شيئاً في كتاب يفترض أن أذاكر فيه، أو حتّى أحدّق في السقف، هوايتي الأصيلة، يحدث أن أشعر فجأة بعطش حارق، "فجأة" أعني بها: على حين غِرّة، على غفلة، دون اشارات مسبقة.

تقول الكتب أن الناس يشعرون بالعطش على مراحل، لا يشعر الإنسان أنه يريد أن يشرب لتراً من الماء إلا لو كان في صحراء الربع الخالي مثلاً، لكن الشعور بالعطش، غالباً ما يأتي على مراحل، تدريجياً، الرغبة في التبول كذلك. 
يعرف الجسم أنه يريد الشرب عبر عملية معقدة، فيها خرف كثير عن الهرمونات ومنسوب الضغط الأسموزي وخلافه، بالتدريج ينبّه الجسم صاحبه أن هناك نقصاً في الماء، بالتدريج وبشكل متصاعد، ثم  يصل في النهاية للاحتجاج، العطش.

أنا لا أشعر بأي من هذا، فقط أعرف شعوراً واحداً وهو العطش لاغير، أمضي أياماً بلا شرب ماءٍ، و فجأة أشعر بأنني أختنق.. الشوك في حلقي يضغط بلا هوادة على الجوانب، مجرد الكلام يصبح أمراً غير قابل للفهم. وعيني تحرقني بشكل غير مفهوم، في المرّات التي يحدث لي هذا، وأكون في المحاضرة أو أي مكان آخر يفترض أن استأذن قبل تركه، تكون المأساة، لأنني لا أفعل.. أقوم فعلاً من مكاني، وأخرج من الباب بكل هدوء، محاولاً الحفاظ على الجزء الباقي من كرامتي، وأجري بعدها بحثاً عن الماء لأشربه.. الماء وليس شيئاً آخر لا يروي، المشروبات الغازية تجعلني أكره حياتي في هذه اللحظات. كل هذه الفقاقيع والسكر والأحماض.

لكن الجيد في الأمر، ما يجعلني لا أكره ما يحدث هذا تماماً، أننيغالباً الوحيد على ظهر الكوكب، الذي يعرف جيداً أن للماء طعماً، أن له رائحة جميلة كذلك، لا يشعر بها إلا العطشان، طعمه يملأ فمي في هذه اللحظات التي أشربه فيها وأنا أكاد أموت من العطش.. بعد أن أشرب لأول مرة، ويغمر الماء حلقي، أنتظر قليلاً ثم أشرب ثانية، لا يمكن للنشوة أن تحصل على تعريف أدق. أشعر أنني سعيد. في هذه اللحظات، أملك الدنيا بحذافيرها.

هناك تعليق واحد:

Ramy يقول...

يمكن انا برضه بشرب مرة واحدة او زيك كدة بعطش فجأة

بس مش زيك قوى كدة (:

يمكن المياه بيكون ليها طعم و ريحة لما والدتى بتجبلى كباية ميه

بجد ليها طعم تانى

بتمزمز فيه

(:(:

المتابعون