الثلاثاء، 20 أبريل 2010

هكذا تحدث عم أحمد


لم يكن الأمر شجاعة مفرطة مني ، لكن رأي عم أحمد كان عكس ذلك على ما يبدو ، لأنه نظر لي بإعجاب ثم أستكمل ما كان يفعله . بصراحة ، ليس الأمر أنني لا أخاف ، الأمر كان أنني جائع جداً ، والوقت قد تآخر ولابد من العودة قبل أن تبدأ أمي في القلق . لهذا فقد تجاهلت تماماً الخناقة الدائرة على بعد مترات مني ، وأستكملت الأكل .
لم ألحظ أن الخناقة دخلت فيها السكاكين السنج إلا عندما قطع عم أحمد ما يفعله وصرخ : نزل السنجة دي بقا وامشي من هنا يابن الو*** .. عندها فقط رفعت رأسي عما أنا منهمك فيه لأجد أن الشاب الممسك بالسنجة يصرخ : يعني عاجبك يا عم أحمد ياخد الأمانة ؟ ، ثم بدا وكأنه ملبوس بالكلمة حيث أخذ يكررها وهو يسحل الفتى الآخر الذي لاحظت الآن فقط أنه ملقى على الأرض : ياخد الأمانة يعني ؟ .. ياخد الأمانة ؟ .. ثم ناظراً للمسحول : ما تيجي تلبسني طرحة أحسن يا عـ** .. تحرك عم أحمد ، الذي بدأت أفهم أن له سلطة تتجاوز بائع الفول على عربة متهالكة ، و أمسك مغرفة الفول التي بدت كسلاح تافة ، ثم جرى ناحية الفتى وضربه بها على ظهره وهو يقول :
انت ملكش كبير يا حمادة يعني ؟ بقولك نزل البتاعة النجسة دي يبقا تسمع الكلام ..
حمادة سمع كلام عم أحمد وخفض السنجة ، وترك الفتى الذي بدا أنه فقد الوعي .. وبمجرد ما فعل هذا ، عاد عم أحمد للعربة ، وسألني دون مقدمات : شفت لما حمادة كبر لي ؟
وأنا قلت له أنني رأيته وحمادة بيكبر له ولكن بصراحة لم أتابع الخناقة لأنني كنت جائعاً جداً .. ولهذا السبب تحديداً لم أتحرك من مكاني ، في حين أن جميع الواقفين جواري تحركوا لمكان أكثر أمناً .
هز عم أحمد رأسه وقال لي : اتخانقت قبل كدا ؟ .. يعرف عم أحمد أنني طبيب في طور التكوين ، لهذا كان يعاملني معاملة خاصة ، مزيد من السلطة ، مزيد من الفول ، مزيد من الزيت ، ومزيد من المودة ، ورفض الاثنين جنية الذين أعطيهما له ، حيث يظل يقول بصوت عال نسبياً : خلاص يا دكتور .. علينا المرة دي بقا يا دكتور .. خلاص بقا والله .. رجل طيب .
قلت له أنني تشاجرت كثيراً في الواقع ، كثيراً جداً .. لهذا قال لي : اسمع بقا .. لما تتخانق ، اوعا تهدا .. صدقني ، اللي بياخد الخناقة ، مش الأجمد ولا الأرجل .. اللي بياخدها الأجن .. خليك مجنون وأرمي نفسك ..
هززت رأسي ، قال لي : وخاف على زميلك .. اضربه ، بس ربنا مبيسامحش في التعوير ..

هناك تعليقان (2):

Rana يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Rana يقول...

مايبهرني أكثر من قدرتك على التقاط تفاصيل واقعية، مداومتك على الكتابة، أي أن الإحباط الذي أصاب المدونين المبدعين لم يتمكن منك.

أعرف أن لك معجبين كثيرين، وأنا منهم :)

المتابعون