الأحد، 28 مارس 2010

Don't leave home



الأولى ، هي أنوثة الحضرة ، كيت ونسلت في ( الإشراق الأبدي لعقل لا تشوبة شائبة ) .. تُعرف بعلامات ، الأزرق لون الشعر ، والضوء ينكسر بالقرب منها ، وأن الكتاب يسعد بما يحدث ..
الثانية ، هي امرأة صغيرة تقرأ ، لوحة بالزيت للسيد جان -هونورى فراجونارد .. سعيد الحظ برؤية أصابع بالتأكيد أصابت العالم بالخبل



الأربعاء، 24 مارس 2010

تـراب


كنت قد طلبت منه أن يسمع لزياد الرحباني .. ينتمي هو لجيل فيروز مع الأخوين ، يتذوق جيداً ما تقدمه من خلالهما ، لهذا السبب رفض لسانه طعم زياد الحمضي .. لم أتوقف عن المحاولة معه ولم يتوقف عن الرفض والسخرية ..
تزامناً مع حفلة زياد الرحباني في مصر ، طلبت منه أن يسمع (بلا ولا شي) .. أغنية يعتبرها كثير من اليساريين تجسيداً للحب الحقيقي .. حيث الحب فقط دون أي شيء آخر .. بلا مجوهرات أو ليرات .. بلا نسوان الحي أو أدوات التجميل أو أب و أم ، بلا ولا شيء ..ويطلب منها في النهاية أن يجلسا في الزرع الأخضر ، حيث هذه الأرض لا تنتمي لأحد .. توقعت أن الأغنية ستلفت نظره وأنه سيتقبل نوعاً هذا الطراز القريب بعض الشيء من أغاني فيروز . ولم يحدث هذا ..
أستمر لربع ساعة تقريباً في الحديث عن الموسيقى المملة ، وصوت زياد النشاز ، الأمر الوحيد الذي تقبله نوعاً هو صوت رشا رزق ، القادمة من عالم كارتون سبيس تون .. أخبرني أن كان من الجميل أن يسمع من تغني أغاني كونان المحقق الصغير ، والقناص ، وهي تغني عن أشياء إعتيادية ..
ثم قال في النهاية : يا عم ، دا بيكح على البت تراب ويقولها بحبك !
وأنا أنفجرت في الضحك ، ثم توقفت حين أنفجر هو في البكاء .

الخميس، 4 مارس 2010

قـضـاء


عندما دخلت المطبخ ، كانت هي منهمكة في تخريط الملوخية .. تخريط طبعاً ، وليس تقطيع ، وذلك ربما لأن الأداة تسمى بالـ"مخرطة" ، وأحياناً يسبق إسم الإداة ، ما يفُعل بها ..
بعد ثلاث خطوات للداخل ، تذكرت أن رائحة السجائر ربما لا تزال عالقة بي ، بحركة تلقائية تحسست الولاعة التي تستقر في جيبي الأيسر ، في حين أن العلبة نفسها في مكانها التقليدي بجيبي الخلفي ، حيث تبدة كمحفظة بريئة الشكل .
ألقيت السلام .. فردت بهدوء ، وهي تلتفت لي دون أن تغير إيقاع حركتها المتمايلة .. وسألتني متى جئت .. تحركت للداخل ، متجاوزاً مكان وقوفها إلى الموقد ، موقد طبعاً لأن النيران توقد فيه ، وأحياناً يسبق ما يفعل بها ، إسم الإداة .. ونظرت للأطباق التي استقرت فيه ، وأغلقته مرة أخرى ..وقلت إنني وصلت منذ دقائق .
سألتني عن أخبار يومي ، فقلت أنه لا جديد .. لم أقل بالطبع أنني منذ خرجت وأنا أدور في الشوارع لأن هذه الأشياء لا تُقال .. ونظرت لها وهي تعدل ورقة اللحم التي تخرط الملوخية عليها ، ترفعها وتهزها أكثر من مرة ، ثم تطرحها جانباً ، متناولة السكين ، وناظرة لرخامة المطبخ ، حتى عثرت على المبشرة .. مبشرة طبعاً ، وذلك لأسباب تتعلق بعملية البشْر ، التي تحول الجزر، مثلاً ، إلى كتلة صفراء بلا ملامح ، مبشورة .. وأحياناً يتعلق إسم الأداة بالناتج منها ، كما يتعلق بما تفعله .
طلبت مني أن أناولها بصلتين من الحامل البلاستيكي الذي يفصلني عنه خطوتين .. و أن تكون البصلتين كبيرتين .. قرفصت متحسساً البصل بيدي ، محاولاً إختيار ما تريده ..
البصل كله صغير .. قلت .. فهزت رأسها .. قائلة أن آتيها بالموجود .. حاولت إختيار أكبر "الموجود" .. ثم وقفت ، وناولتها أربع بصلات .. وهي أمسكتهم ، متحركة إلى الحوض ،واضعة ثلاث مما تحمله فيه ، ثم ممسكة السكين ، وبدأت في إزلة القشرة الخارجية وهي تقول : صاحبك اتصل سأل عليك .
سألتها عن إسمه فقالت أنها نسيت ، ضحكت .. وأنا ضحكت .
لم يكن من المفروض أن أقابل أحداً اليوم .. حاولت التذكر ، فلم أنجح .. اليوم بالذات لم يكن من المفروض أن أرى أحداً .. ذهبت للسينما ، وخرجت في منتصف الفيلم ، بعد أن تشاجرت مع عامل التشغيل ، الذي أصر على أن يعطيني حقي في الإستراحة .. يعطيني ، تعني أنني كنت الوحيد في السينما ، ولهذا قلت له أنني لا أريد الزفت الإستراحة .. وهو قال لي بعد كلمة من هنا وكلمة من هناك أن الأمر ليس بمزاجي ، ولكنها قواعد .. سببت أم القواعد على أمه ، وكدنا نشتبك بالأيدي لولا تدخل فتى البوفية الذي قال لي أن اوحد الله في سري ، وأن الموضوع لا يستحق .. وبالتالي طال السباب فتى البوفية على البوفية ، وانتهى الأمر بي شبة محمول إلى الخارج ، شبة مطرود ، من رجل الأمن الذي قال لي أن أشكالي ليس لهم سينما .. وأنا وقفت في الخارج مصمماً على احداث مذبحة ، لولا خروج عامل التذاكر الذي أعطاني نصف قيمة التذكرة .. اشتريت بها علبة سجائر ، شربت نصفها قبل أن أعود .
غريبة .. قلت لها .. وأكملت أنني لم أكن سأقابل أحداً اليوم .وهي قالت لي أنه ربما لم يكن يتصل لهذا السبب . وأكملت تقشير البصلة الأخيرة .
يمكن .. قلت .
سألتني إن كنت سآكل معهم اليوم .. هززت رأسي قائلاً إنني أكلت بالفعل في الخارج .. وبالفعل ، لم يدخل بطني شيء منذ ثلاثة أيام .
أمسكت المبشرة .. وبدأت في تحريك البصلة على الحواف المشرشرة بقوة ، والبصلة التي كانت دائرية الشكل في يدها ، بدأت تتحول إلى مسحوق في الطبق الذي تستقر فيه المبشرة .
كنت قد تحركت لأقف بجوارها .. وقلت لنفسي أنها لو شمت رائحة السجائر ، فهناك التبرير السحري ، أنني كنت وسط جماعة من المدخنين . ولو أن مسألة شمّها للرائحة أمر مشكوك فيه ، بسبب رائحة البصل التي ملأت المطبخ .. وجعلتها تتوقف كل لحظات لتستنشق بقوة ..
كانت قد بدأت في البصلة الأخيرة حين بدأت في البكاء .. حدث الأمر فجأة هكذا .. ولم أستطع أن أوقف المياة التي بدأت تتساقط من عيني ، منعت نفسي من النهنهة ، وهي لا تتناسب مع دموع البصل الهادئة التي توحي بإهتياج الأغشية لا غير .. وهي توقفت فجأة لتسألني إن كنت أبكي .. وأنا قلت لها أنه ، طبعاً ، لا .. رائحة البصل مؤذية فقط ..
طيب أخرج بدل ما عينك توجعك .. قالت ، وأنا قلت أنني سأذهب للنوم .. جففت عيني في طرف الفانلة .. وهي قالت ، اللهم إنها لا تسأله رد القضاء .. وأنا سألتها عن سبب هذا الكلام الآن .. وهي لم تجب ، وقالت أنها تدعو طول النهار ..
تحركت للخارج وأنا أتحسس خطواتي ، وهي تكمل أنها تسأله اللطف فيه .

المتابعون