الأربعاء، 30 ديسمبر 2009

ميلودي هيتس

و اكتشفت انني مجرد فم آخر .. وهذا الإكتشاف يجعل الأمر أسوأ ، لكن الحقيقة فضلاَ عن كونها حقيقية ، فهي غالباً لا تسر .. كما فعل الصواب بالظبط .
أكره من يصدعون رأسي بمشاكلهم .. ليست مشاكل من أحبهم ، وليس من ينفتح قلبي لهم .. لأنهم معشر المشفقين .. الذين تتحول الشفقة بالنسبة لهم ، لفعل عام تجاة الدنيا بكاملها . بل للهاموش ، هم من ينغلق صدري ، ويضيق ناحيتهم ، ويبدو الأمر وكأن روحي تنسحب مني وهم يتحدثون عن كون العالم لا يفهمهم ، وكم أنهم نواقيس تدق في عوالم الصمت ، وأنهم وحدهم ، وأنه من الأفضل للدنيا ألا يوجدوا فيها .. نعم يا صاحبي .. هم الذين يظهرون في شريط شات ميلودي هيتس ليتحدثوا عن قسوة البشر ، و عتاوة اليأس ، هم يمرمطون الحزن ، للحزن جلال ، وهم ينزلونه من علياءه ليتحدثوا عنه كما يتحدثون عن عشاء اليوم .
لكنني الآن في مأزق وجودي بحت .. حيث أشعر أنني ناقوس يدق في عوالم الصمت ، وأنني وحدي ، وأنه من الأفضل للدنيا ألا أوجد فيها . فهل سأبدأ في استلام أي أذن تأتي في طريقي لكي أسكب كل هذا الخراء فيها ؟َ! .. يبدو هذا الآن حلاً لا بأس به ، في حين أن الصواب هو التصرف كرجل ، وأن أعتبر نفسي نكرة ، وأتعامل على هذا الأساس ، وأخرس .

الخميس، 24 ديسمبر 2009

أنا حقي أعترض


يوماً بعد يوم .. أي بمرور الأيام .. والجملتان بالمناسبة مختلفتان تمام الإختلاف .. يتزايد اقتناعي الشخصي ، أننا نقطن مرحاضاً عمومياً ، انقطعت عنه مياة الصرف منذ دهور ..

الأحد، 20 ديسمبر 2009

علامات


من علامات إقامة الحق لك في الشيء ، إدامته إياك فيه مع حصول النتائج .

ابن عطاء الله السكندري .. الحكم العطائية


الجمعة، 18 ديسمبر 2009

las ketchup


في منتصف 2002 تقريباً سادت العالم حمى أغنية ليست مفهومة من الأصل ، لكن الحقيقة التي ستثبت نفسها ، أن ماليس مفهوماً ليس بالضرورة سيئاً ، لكن ما كان مفهوماً نوعاً هو لماذا سادت هذه الأغنية في مصر ، حسناً .. الأغنية خفيفة .. خفيفة لدرجة أننا لم نفهم كلماتها أصلاً ، لها لحن راقص ممتع ، والجو صيف يحتاج هذا النوع ، والفتيات جميلات فعلاً ، من لم يعجبه واحدة من المعطيات ، سيهتم بالأخرى .. ومن لم ير في واحدة من الفتيات جمالاً ، فهو لابد واجده في أخرى ، و الراهب الذي لن يتأثر بهن ، سيعجبه معطى آخر كما قلت .. وهكذا .
استمر اعجابي بأغنية الكاتشب لفترة من الزمن ، حتى قرر فريق مصري عليه لعنة الله أن يمصّرها ، والنتيجة التي لم تدهشني هي أنها تحولت بقدرة قادر إلى نموذج خرافي السخف ، أفسد أي محاولة للإستمتاع بالأغنية ، لأن المرء تلقاءياً يفكر في كلمات الفريق المصري عليه لعنة الله .. وفي شورت الرجل الأصلع البدين ، وهي ثلاث كلمات أود التركيز عليها : شورت .. رجل .. أصلع .. بدين ..
لكن النسيان نعمة ، وهكذا وبعد مرور ما يقارب السبع سنوات ، نسيت كلمات الأغنية المصرية المقيتة ، ولم يبق إلا اللحن حفظه الله ، ليجعل من فكرة الإستماع للأغنية مرة أخرى أمراً ممكناً من الناحية العملية .


">


سوداء الشعر بالمناسبة :)


الأربعاء، 16 ديسمبر 2009

عـصـر


قال : للإيمان قبضة تعصر ، مثلما للخوف ، وكما للتردد ، والدوران حول النفس إلى ما لانهاية ..
صمت ، ثم تمتم : اللي مش قد اللعب ، ميلعبش

الخميس، 26 نوفمبر 2009

ندى


كلما شعرت بأنني رأيت كل شيء ، أكتشف أنني مجرد أحمق كبير ، مغرور ، لا يعرف عن الدنيا أو عن نفسه ، أي شيء .
لظروف التخصص ، ولضرورات الحياة ، ولحكم القدر ، رأيت من قبل أناساً تموت .. عرفت لحظات الصمت ، والوهن ، والخوف ، والقشعريرة التي تظهر على وجوه الموشكين على الرحيل ، قبل أن يحصلوا على اللقب رسمياً ، ويرحلوا .
لكن هذا المشهد ، مختلف ..
إسمها ندى ، وهو أسم جميل .. وهي قد ماتت الآن .. ماتت لأنها كانت تتظاهر في طهران ، إحتجاجاً على فوز الرئيس الحالي (أحمدي نجاد) بالإنتخابات ، وهزيمة (حسين موسوي) ، ماتت لمجرد أنها خرجت للشارع اعتراضاً على ما تم اعتباره من الكل ، تزييفاً للإنتخابات وتلاعباً بالأصوات ضد مرشح لم يحز رضا السلطة الدينية .
كلماتها الأخيرة كانت : "إنني أحترق .. إنني أحترق"
ليرحمها الله ، وليرحمنا حين تحين ساعتنا ،
ملاحظة أخيرة .. الفيديو غير مناسب مطلقاً للمشاهدة ، لا لأصحاب القلوب الضعيفة ولا القوية ، لم أكن أود وضعه بأي حال ، لكن الأمر فقط لكي لا ننساها ، ولا ننسى الألوف الذين يموتون ميتة لا يستحقونها كهذه .. حتى لو جلدنا هذا ،

">

الأحد، 22 نوفمبر 2009

كطلعة وردة


سألتك : هزّي بأجمل كف على الأرض
غصن الزمان !
لتسقط أوراق ماض وحاضر
ويولد في لمحة توأمان :
ملاك . . وشاعر !
ونعرف كيف يعود الرماد لهيبا
إذا اعترف العاشقان !
أتفاحتي ! يا أحبّ حرام يباح
إذا فهمت مقلتاك شرودي وصمتي
أنا ، عجبا ، كيف تشكو الرياح
بقائي لديك ؟ و أنت
خلود النبيذ بصوتي
و طعم الأساطير و الأرض . . أنت !
لماذا يسافر نجم على برتقاله
و يشرب يشرب حتى الثمالة
إذا كنت بين يديّ
تفتّت لحن ، وصوت ابتهاله
لماذا أحبك ؟
كيف تخر بروقى لديك ؟
و تتعب ريحي على شفتيك
فأعرف في لحظة
بأن الليل مخدة و أن القمر
جميل كطلعة وردة
و أني وسيم . . لأني لديك !
أتبقين فوق ذراعي حمامة
تغمّس منقارها في فمي ؟
و كفّك فوق جبيني شامه
تخلّد وعد الهوى في دمي ؟
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تجنّحني . . كي أطير
تهدهدني . . كي أنام
و تجعل لاسمي نبض العبير
و تجعل بيتي برج حمام ؟
أريدك عندي
خيالا يسير على قدمين
و صخر حقيقة
يطير بغمزة عين
** ** ** **
ملحوظة (1) : القصيدة لمحمود درويش .. وإسمها ( أبيات غزل)
ملحوظة (2) : أنا مش عارفني أنا تهت مني ، أنا مش أنا :)
ملحوظة (3) : صباح الفل .

السبت، 21 نوفمبر 2009

قالت الست


القمر ، من فرحنا ، هينوّر أكتر ..
والنجوم هتبان لنا ، أجمل وأكبر
والشجر ، قبل الربيع ، هنشوفه أخضر
واللي فات ننساه .. ننسى كل أساه ..
يلا نلحق من الزمن أيام صفا
دي الحياة من غير لقانا ، مش حياة ،
وإحنا مش هنعيش يا روحي ، مرتين .

ألحان محمد عبد الوهاب طبعاً

الاثنين، 16 نوفمبر 2009

زي جنينة

خضارك زي جنينة ، وطرحت تينات
عودك ، في مشيته .. عاملّه منحنيات
عضامك لينة ، لاقيين على التنيات
تانية واتنين تلاتة .. وأربع خمس تنيات
يا أم عقدين دهب .. تلاتة وتلاتين طارة
ما عيناً رأت ، ما وردت على بكّارة
يوم طلّت علينا ، الكل وقعوا سكارى
سقطت في الحليب ، ما بينت له عكارة
(عشق البنات .. محمد منير)


الأحد، 15 نوفمبر 2009

سمّني ما شئت


- لا أعرف اسمكِ
> سمني ما شئتَ

- لستِ غزالةً
> كلا. ولا فرساً ..

- ولستِ حمامة المنفى
> ولا حوريةً

- من أنتِ؟ ما اسمكِ؟
> سمني، لأكون ما سميتني

- لا أستطيع، لانني ريح
وأنتِ غريبة مثلي، وللأسماء أرض ما

> إذن، أنا «لا أحد»

> لا أعرف اسمكَ، ما اسمكَ؟
- اختاري من الأسماء أقربها
إلى النسيان. سميني أكن في
أهل هذا الليل ما سميتني!

> لا استطيع لأنني امرأة مسافرة
على ريح. وأنت مسافر مثلي،
وللأسماء عائلة وبيت واضح

- فإذن، أنا «لا شيء»...

قالت «لا أحد»:
سأعبىء اسمك شهوةً. جسدي
يلمك من جهاتك كلها. جسدي
يضمك من جهاتي كلها، لتكون شيئاً ما
ونمضي باحثين عن الحياة...

فقال «لا شيء»: الحياة جميلة
معكِ... الحياة جميلة !
( لا أعرف أسمك .. محمود درويش)

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

عروق الشجر المشتبكة


مختار الصحاح له رأي في المسألة :
الشَّجَنُ :
الحزن والجمع أشْجَانٌ وقد شَجِنَ من باب طرب فهو شَجِنٌّ و شَجَنهُ غيره من باب نصر و أشْجَنَهُ أيضا أي أحزنه و الشَّجْنُ كالفلس واحد شُجُونِ الأودية وهي طرقها ويقال الحديث ذو شجون أي يدخل بعضه في بعض و الشُّجْنةُ بكسر الشين وضمها عروق الشجر المشتبكة ويقال بيني وبينه شجنة رحم أي قرابة مشتبكة وفي الحديث {الرحم شجنة من الله تعالى} أي الرحم مشتقة من الرحمن والمعنى أنها قرابة من الله تعالى مشتبكة كاشتباك العروق ..
** ** ** **
هناك أغنية لكارم محمود ، والسيد الوالد يعتبره مع محمد قنديل من أساطير الكون ، وأنا أوافقه الرأي ، الأغنية هي ( أمانة عليك يا ليل طوّل) ، والتجربة _وهي كذلك خير برهان_ تثبت أنني كلما استمعت لهذه الأغنية أشعر بمشاعر من يدهسه أتوبيس .. وهو ما يثبت أن الأغنية رغم ما بها من قدر لا يستهان به من السعادة ، تثير شعوراً لا يمكن فهمه إطلاقاً بالنسبة لي .. قديماً سمعت صديقاً عزيزاً ، يملك واحداً من أجمل الأصوات التي سمعتها في حياتي يقول لي أنه تمت " فرتكته " من قبل أغنية ما ، لا أتذكر الأغنية تحديداً ، لكن ما أتذكره الآن أن بعرور أصدر أغنية بالعنوان نفسه ، فرتكة .
والآن ، وفي اللحظة الآنية ، هذه اللحظة تحديداً ، أي الآن ، التي ستتحول بعد ادراكي لها إلى "القديم" ، أنتظر شيئاً ما .. أنتظره بكل جزيئة من جزيئات الكائن المحكوم عليه بالفناء يوماً ما ، والذي يدعو ربه ، أن يعينه ، وأن يكرمه ، في الكام يوم اللي حكمت مشيئته أن يقضيها على الكوكب اللطيف هذا .
** ** ** **
يقال ، والعهدة على الراوي ، أن أوراق الشجر ، تتخذ شكلاً معيناً ، ونسقاً شديد التعقيد ، يسمح لها _مع الإنتباة لحقيقة أن الشمس تغير موضعها بإستمرار .. يسمح هذا النسق والترتيب ، لضوء الشمس بالوصول لكل ورقة على حدة بالدرجة التي تسمح للورقة بممارسة حياتها الطبيعية .. وتجعل لكل ورقة حصة معينة من الضوء .. لا أعرف بالظبط مدى صحة المعلومة ، لكنني أصدقها .
** ** ** **
يمكن كذلك أن نرى رأي محمد خان فيما يحدث

السبت، 24 أكتوبر 2009

بـثـبـوثـة


_ تفتكر أكلمها ؟
_ مش عارف والله .. انت عايز تكلمها ؟
_ مش فكرة عايز .. فكرة إني قلقان شوية ..
_ يبقا انت عايز تكلمها شوية ..
_ آة بالظبط .. عايز أكلمها شوية .. تفتكر الشوية كفاية اني أكلمها ؟
_ It depends ..
_ متتكلمش بالإنجليزي .. على إيه بقا ؟
_ يعني الشوية دول ممكن يكونوا كتير جداً .. دي اسمها النسبية يا سيد .
_ نسبية إيه ؟
_ آة أنت غبي النهاردة .. بص .. الفكرة أن الشوية دول ممكن يكونوا كتير بالنسبة لك ..
_ أنا قلت انهم شوية بالنسبة لي يا بني ..
_ غبي ..
_ متشتمش يا جدع ..
_ والله العظيم تلاتة غبي .. افهم يا ثور الله في برسيمه .. دلوقتي لو انت مليونير .. معاك 100 مليون .. وجيت انا خدت منهم مليون .. انا شايف ان المليون دا مبلغ عظيم .. لكن انت بإعتبارك مليونير شايف انه ولا حاجة .. لكن الحقيقة أن المليون دا مهم ، وهو مبلغ كبير في حد ذاته ..
_ لحظة .. بس احنا بنتكلم عني انا هنا .. يعني المليون ولا حاجة ..
_ لا المليون دا كتير اوي
_ بمعيار مين ؟
_ بمعيار البني آدمين .. جايز انت شايف الشوية دول ولا حاجة .. بس انت عشان عايز تكلمها شوية ، ومش عارف تعمل دا ولا لأ .. قارفني دلوقتي .. يبقا دا مش شوية خالص
_ اه .. تفتكر أكلمها ؟
_ كلمها .
_ وأفرض مردتش عليا
_ يبقا نصيبك كدا .
_ وليه أحط نفسي في الموقف اللعين دا .. وأفضل بقا أفكر هي ليه مردتش عليا ، ويا ترى هتتصل ولا لأ ، ويا ترى لما اتصلت بيها وهي شافت اسمي كان رد فعلها ايه ..
_ ................
_ ها ؟
_ عندك حق .. الشعور دا لعين فعلاً
_ مش بقولك .
_ والألعن والألعن لو هي متصلتش بعد ما انت اتصلت
_ اه .. بكدا تكتمل فصول المأساة
_ خلاص متتصلش .
_ رأيك كدا ؟
_ اه متتصلش .
_ وأفرض هي متصلتش .
_ يبقا نصيبك كدا .
_ بس انا كدا حاسس اني كتلة حرجة .. مادة مشعة مش مستقرة .
_ مممم .. شعور مش لطيف
_ اه .
_ خلاص اتصل .
_ مش لسه قايل متتصلش ؟
_ ما هو انت كدا كدا في وضع حرج ، الجميل انك تبقا في وضع حرج وتتصرف .
_ والشعور اللعين ؟
_ لو مردتش عليك تقصد ؟
_ اه ..
_ استحمل بقا مقابل انك تخرج من الحالة السخيفة دي ، من الجميل ان الكتلة الحرجة ترجع تاني للحالة الطبيعية ، الإشعاع هنا هيكون لما تفرغ قدر من الطاقة في المكالمة ، وتحس الشعور اللعين .
_ حاجة تقرف
_ حاجة تقرف فعلاً
_ هتصل خلاص .
_ شاطر ..
_ ولو ردت هقولها الله يحرقك ..
_ دي فكرتك عن الرومانسية ؟
_ عشان تعرف ان الله حق
_ طيب قول
_ بس هي هتزعل .
_ تزعل
_ بس انا مش عايز ازعلها ، انا عايز اقولها اني انا اللي زعلان ، لو زعلت هي مني هبقا كدا خسرت بونت .
_ انت عبيط يا بني ؟ دا مش متش بلاي ستيشن .
_ الحياة كلها بلاي ستيشن
_ يادي الهباب الأسود .. أبوس رجلك بلاش الأقوال الحكيمة دي .. الحياة بلاي ستيشن ، الحياة صينية بسبوسة ، الحياة محشي ورق عنب .
_ تعرف انها لادغة في السين ؟
_ تشرفنا يا سيدي .. يبقا الحياة صينية بثبوثة يا صاحبي ، ولا تزعل .. اتحرك بقا
_ هتصل .
_ شاطر ..
_ ولو ردت هقولها اني زعلان منها
_ قول
_ مش هشتم عشان متزعلش
_ اه .. وانت تشتمها ليه اساساً
_ ولو زعلت بقا براحتها
_ تزعل ليه ، ما انت مش هتشتم .
_ اه صح .. قصدي عموماً .. حتى لو زعلت بعد كدا انا مش مسئول ، وهبطل بقا احس بالذنب تجاة كل مشاكل الكون
_ شطور .. وتبقا إنسان جديد أحسن ، وذلك من أجلك ومن أجل الآخرين
_ بتتريق ليه طيب ؟
_ أبوس رجلك اتصل
** ** ** **
بعد انهاء المكالمة بثلاث دقائق .. كان جالساً بجواري صامتاً تماماً .. ملاحظاتي كانت أنه تحدث ، وانه شعر بصدمة ما ، وأنه يجلس بجواري فاقداً القدرة على النطق ..
فكرت أنني يجب أن أساند صاحبي ، وأن أتجنب الكلام الكثير ، وأقول كلاماً لا يفهم بأكثر من طريقة ، ويجب الإبتعاد عن الأقوال الحكيمة ، والإختصار الشديد ..
_ خير ؟
_ انا حاسس اني في نكتة دلوقتي
_ خير ؟
_ عارف هي بتعمل ايه دلوقتي ؟
_ لا والله .. أكيد معرفش
_ بتلعب بلاي ستيشن .
_ واااو .. طيب بص .. الحياة محشي ورق عنب على فكرة بقا .

الجمعة، 23 أكتوبر 2009

* قليل من الحب ، كثير من العنف



قلت سابقاً أنني أسمع _للأسف الشديد_ WestLife .. وهو شيء لازمني منذ بداية تفتح وعيي أن هناك موسيقى في الكون غير أغاني الأخ عمرو دياب ربنا ياخده ..
المهم .. بصفتي متابع ، ولمن لا يتابع .. فالفرقة أنفصل عنها أحد أعضاءها وهو السيد Brian mcfadden .. ولو أني لم أكن من محبي صوته المائل إلى الخنف بشكل ما .. إلا أنني تعثرت في أغنية له منذ فترة ، وهي مناسبة تستحق قليلاً من الإحتفال .. اسمعوا اذا بتريدوا ..
** ** ** **
بها قدر لا بأس به من الهيافة ، أليس كذلك ؟ .. في العموم لن يستطيع المرء أن يصل لحل في هذه المسألة .. هل الصواب أن يقول المرء ما يود قوله مباشرة أم يلجأ للإستعارة والمجاز .. هل كلمة "أحبك" هي شيء جميل في حد ذاته ، أم أن الصواب أن يقول الإنسان بدلاً منها : "أحبك حب القوافل واحة عشب وماء " ، وكل هذا الهراء الذي يجعلنا معشر البشر " فوق الحياة قليلاً" .. وهذا عنوان رواية لطيفة لسيد الوكيل .
على أيه حال .. لمن آذت مشاعرهم الأغنية السابقة ، أدعوكم أيها السادة لمقتطفات من مباريات (نسيم حميد) .. وهو ابهار بصري يستحق الرؤية .. من اللطيف دائماً أن ترى المتبجح أو الفم الكبير بالتعبير الأمريكي ، يتم ضربه .. أفلام المراهقين قائمة على هذه الفكرة أساساً .. الفتى الضخم المتبجح السخيف الذي يتم ضربه في نهاية الفيلم .. لكن ماذا لو لم يحدث هذا ؟ .. نسيم يسخر من منافسيه بشناعة ، ويستفزهم بطريقة مهينة .. ولكنه في النهاية يفوز .. وهو فوق هذا عنيف جداً .. والأجمل من كل هذا ، أنه بعد أن هُزم الهزيمة الوحيدة في تاريخه ، اعتزل !
** ** ** **
(*) العنوان هو عنوان رواية لفتحي غانم ، تم تحويلها لفيلم تقريباً

الخميس، 8 أكتوبر 2009

عايشة


هم دائماً في جماعات .. بوجوه على شفا الإبتسام ، ودودة بلا شك ، بها نوع من الحذر لا شك ، أمر يسهل تبريره .. الشارع هنا غابة إلى أن يثبت العكس .
التحرك يتم دوماً بتوقيت يثير الإستغراب _ربما التهكم من وقت لآخر_ من قدرة الجميع على الإنتهاء من الطعام مثلاً .. أو قضاء مشترواتهم في وقت واحد .. في النهاية ، وفي كل الحالات سترى سرباً ، يحلق حاملين أكياساً مليئة بالخضار ، أو ممسكين بكتبهم الدراسية ، التي إن كانت بالعربية فهي تعني الأزهر بلا جدال .
"الأزهر بلا جدال" هكذا قررت وأنا أنظر إلى الكتاب الذي كان يضعه على الطاولة التي كانت محاطة من جهتين بكنبة تأخذ زاويتها ، أجلس على ضلعها الأول وحدي ، في حين يحتل هو الضلع الآخر ، وبيننا ، خلف الكنبة ، حوض سمك عملاق تسبح فيه ثمان سمكات ، كنت قد عددتها في أوقات انتظار مماثلة . بينهم سمكة سوداء كريهة المظهر ، أخبرني أحد العاملين في المكان أنها نموذج لصفيحة القمامة حيث تقتات على فضلات الأسماك الأخرى مباعدة بالتالي بين أوقات تنظيف الحوض .
هم دائماً في جماعات .. لهذا كما أعتقد بدا رفيق انتظاري هذا قلقاً بعض الشيء .. تأكد انطباعي الأول أنهم يفعلون كل شيء معاً .. ففي الوقت الذي احتل فيه أفراد مجموعته كل الأماكن المتاحة على الأجهزة ، بقي هو منتظراً أن يتهي شخص ما من الأقلية المصرية ما يفعله على الجهاز لكي يجلس مكانه ..
المسئول عن المكان ، نظر فجأة إلى الإجهزة صارخاً وهو يضحك : " الماليزيين احتلوا البلد " .. تصاعدت عدة ضحكات من الجالسين على الأجهزة ، وأنا ابتسمت بركن فمي . والفتى الجالس أمامي بدا أنه أنتبه لكلمة "ماليزيين " وحدها دونما فهم كامل لبقية الجملة ..
مستجد .. فكرت .. في الغالب ، وطالما نحن في بدء العام الدراسي .. فهو غالباً عامه الأول .
اشفقت على حاله ، دنيا مختلفة ، طباع و أشخاص لا يمكن وصفهم بالسهولة حتى على أبناء البلد، و امتياز أن يجلس على جهاز ليتصل بالعالم الخارجي يبدو بعيداً عنه بشده . الألعن كان أنني جئت قبله ، ولم أكن في حالة تسمح لي بمشاركة الخير والمحبة مع الآخرين .. حتى لو كانوا مغتربين ، وحتى لو أشفقت على حالهم .
لم أكن في مزاج رائق للقراءة ، لهذا بدا حوض الأسماك حلاً مثالياً .. السمك يسبح .. ويسبح .. ويسبح .. يتخبط قليلاً في جدران الحوض ، مقترباً ومبتعداً من بعضه البعض ، ليسبح ويسبح ويسبح .
شعور الثقل في أجفاني كان شديداً لدرجة أنني عانيت صعوبة حين عدت إلى العالم ملاحظاً أنه يبتسم لي ..
"جميل" ..
قال .. وأنا ابتسمت تلقائياً قائلاً أنه فعلاً : "جميل"
قال هو : " السمك جميل .. glorious "
أنت تقصد "جليل" يا صاحبي وليس "جميل" .. قلت : "جليل" .. وهو قال : "جليل" .. هززت رأسي .
كرر هو : "جليل .. عظيم "
قلت : " magnificent " .. هز رأسه . وابتسم .
عدت مرة أخرى بعد تردد لمتابعة حوض السمك الممل .. لم يكن الوضع قد تغير كثيراً .. كان السمك لا يزال يفعل اللا شيء المعتاد . عندما سمعت صوت هاتفه المحمول _المتقدم جداً_ شعرت أن هناك خدعة في مكان ما .. كانت أغنية (عايشة) للشاب خالد .. لا يمكن الخطأ في هذا لأنها كانت احدى اغنياتي الأهم ، ولأن مفردة (عايشة) واضحة تماماً ..
ابتسمت ، قلت في سري : يا بن اللذينة .. وصلت لها إزاي دي ؟ .. وقلت له : " عايشة .. شاب خالد "
وهو ضحك وكأنني ألقيت نكتة رهيبة ، وهو يمسك هاتفه .. وقال : "عايشة .. نعم " , أجاب على الهاتف ، متجاهلاً نظراتي الفضولية .. لم أفهم شيئاً بطبيعة الحال ، لكنه كان مبتسماً ابتسامة عريضة للغاية وهو يتكلم بسرعة ، ضاغطاً على حروف كلماته بشدة .. وهو ينظر في ساعته كلما أنهى جملة ، ومتفحصاً الأجهزة بنظره كل عدة ثوان .. لكن الإبتسامة لم تغادره ولو للحظة .. انهى مكالمته ، ونظر لي ، وبلا مقدمات قال : "عايشة" .. كنت قد بدأت أفهم .. ابتسمت وقلت في سري :" الله يسهلك يا سيدي " .. ابتسم مرة أخرى وبدا مستمتعاً جداً بالحياة ..استرخى في جلسته .. ماداً قدميه حتى وصلت لحافة الطاولة ، استند بأطراف أصابع قدميه عليها ، و استعادت جلسته هدوءها بعد قليل .. نظر للسمك وقال لي : " ليس طبيعياً " .. قالها بعربية شنيعة .. لم أفهم .. منذ لحظات قال أنه جليل ، وعظيم..
قلت : " جليل ؟ " .. هز رأسه ، فقلت بسرعة : " عظيم ؟" .. هز رأسه نافياً مرة أخرى ..
"مجنون وربنا " .. قلت لنفسي .. وابتسمت في وجهه .
لم أنتبه لمرور الوقت إلا لحظة القيام الجماعي للسرب .. فجأة أصبح مقهى الإنترنت الواسع ، شبة صحراء إلا من الأقلية المصريين الذين تناثروا في أجهزة متباعدة ..
قبل أن يتجهوا للدفع ، اتجهوا جميعاً ناحيته ، مشاهدة السرب شيء، والإقتراب منه إلى هذه الدرجة شيء آخر تماماً .. كنت وسطهم تماماً ، وهم يحادثونه من مختلف الزوايا ، متفرقين حولي ، ومحتمين بحاجز اللغة .. تشاغلت بالنظر لحوض الأسماك العتيد ، وأنا أختلس النظر له ، بتعتبيرات وجهه الغريبة ، التي بدا واضحاً أنها لا تتفق مع جدية محدثيه .. كانت السمكة السوداء قابعة في أرض الحوض ، ملتصقة بالصخور الصناعية تماماً ، تأملت السمك الآخر ، وتساءلت عن السبب الذي يمنعهم من تكوين سرب في الحوض .. بالتأكيد مع ذاكرة الأسماك التي تبلغ خمس ثوان لا غير ، لا يعرفون حقيقة أنهم في حوض أصلاً ، هل هي مسألة عدد مثلاً ؟ .. حولت رأسي عن الحوض إلى وجهه الذي كان لا يزال على حاله .. كرر كلمة "عايشة" أربع مرات وسط كلامه ، وهم بدأوا في التفرق .. اتجهوا جميعاً ناحية الرجل ، وأخرجوا نفس المبلغ بتكرار يثير الإعجاب .. نظرت لرفيقي الذي كان ينظر إلى أصابع قدميع . وقلت له بصوت غير مسموع : " وأنت مش هتنتشروا ؟ " .. ولكنه سمعني فيما يبدو .. أو لم يفعل .. هو فقط أكتفى بالنظر لي ، ومط شفتيه قائلاً : " عايشة " .. بادلته النظر لفترة ، ثم هززت رأسي قائلاً له : "مجنون وربنا " .. وابتسمت في وجهه .

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

بقالهم خمستاشر جولة يا باشا بيدغدغوا بعض


_ هو إيه اللي حصل ؟
_ المتش خلص ..
_ ماتش إيه اللي خلص ؟ أمال فين القاضية ؟
_ ما هو .. مفيش قاضية
_ وإزاي البطل بيكسب من غير قاضية ؟
_ ما هو البطل مش هيكسب
_ وإزاي البطل بيخسر ؟

">

الثلاثاء، 18 أغسطس 2009

فيلم فرنسي قديم


عزيزتي العزيزة :

دون خوف من السقوط في فخ التعميم .. وهو فخ شديد الخطورة ، يمكن أن يؤدي إلى إنهيار فرضية كاملة , مكتملة المعالم ، بكل بساطة لو تم اكتشاف هشاشة الأساس الذي ترتفع بفضله . ودون أدنى قلق من الوقوع في فخ التحذلق اللطيف ، وهذا الفخ مشكلته الوحيدة إن المتحذلق لا يلاحظ أبداً أنه كذلك .. يمكنني أن أشرح لك في ثلاث ساعات علاقة فيلم رد قلبي بمقررات الثانوية العامة ، ولكنني هنا أخاطر أن تشعري في أي لحظة أنني متحذلق ، والصفة هذه من المستحيل تقبل أي شيء من أي شخص يحملها ..
محاولاً ألا أخاف ، يمكنني يا عزيزتي أن أقول بكل بساطة أن البشر على وجه الكرة الأرضية يمكن تقسيمهم إلى قسمين ، واحد يتبع القائمة الأولى ، وآخر يتبع القائمة الثانية .. إذن و بغض النظر عن ما يتم تقسيمهم على أساسه ، لا يوجد من يقف وحيداً بصدره في المنتصف ، ويسمي نفسه في معسكر الوسط . ربما تخمنين الآن سبب كرهي للسادات . الحالة الوسطي هي سخف مقام على الأرض بأيد بني البشر . وهو فساد في البر وفي البحر أن نكذب على الأطفال الصغار الأبرياء ، قائلين لهم أن يكونوا في حالهم وأن يقفوا لا مع هذا ولا ذاك .. بهذا نرتكب جريمة في حقهم ، لأن ومهما كان شخص المنتصر أو نوعه ، أو آراءه في الحياة ، سيقوم بضربهم على قفاهم .. والألعن أنهم ، وللأبد سيشعرون بالظلم ، لأنهم لم ينتموا للمعسكر الخاسر ، وهذا هو المبرر الوحيد بالنسبة لهم (وهذا صحيح نسبياً بصراحة) لكي يضربوا على القفا ، لكنهم يتجاهلون حقيقة أنهم لا ينتمون إلى المنتصر أو المنتصرين ، وبهذا يصبح من حقه أو من حقهم أن يعلّموا عليهم . ميزة المهزوم في هذه الحالة الوحيدة ، هو أنه البني آدم الوحيد الذي يخسر كرامته ، وهو يعرف تماماً لماذا ..

عزيزتي العزيزة :
اعذريني لو انسقت خلف دماغي ، واعذري الكلام الذي يبتعد بي تماماً عمّا أريد قوله تحديداً ..
ما كنت أود قوله ، هو أن البشر يتم تقسيمهم إلى فئتين على الدوام .. مثلاً :
هناك من يربون الظفر الأصغر في أيديهم ،يمثلون القسم الأول ، ومن لا يربون الظفر الأصغر معنا على الناحية الأخرى ..
يمكننا تعقيد الأمر قليلاً ، نتيجة تساؤل بشري مشروع ، عن اليد ، إن كانت يمنى أم يسرى ، وهو تساؤل مشروع تماماً كما أوضحت لك ِ ، حسناً سنقول أن البشر يمكن تقسيمهم كالتالي :
هناك من يربون أظافر أيديهم ولنبتكر لهم أي أسم .. ربما يكون فريق الصقور مثلاً .. وتحت هذا العنوان الكبير سنضع عنوانين فرعيين : ونضع علامة على اليد التي يتم تربيه الظفر فيها .. وهناك على الناحية الأخرى من لايربون أظافر أيديهم ، ولنعطهم أسم الرائعون كعنوان كبير ، وهناك كذلك عنوانين فرعيين يختصان باليد التي يتم ارتكاب هذه الجريمة فيها .
ما رأيك الآن ؟ .. وجهه نظري تثبت نفسها : لا يوجد من يقبع في المنتصف .. انت إما تفعل أو لا تفعل . وببساطة لا يمكن الكتابة على الخط الفاصل بين طرفي المقارنة حتى لو أراد شخص ما أن يقبع في المنتصف .
سأتوقف الآن عن استخدام الأمثلة ، وسأقول الفكرة التي كان لابد من قول كل هذا الكلام للوصول لها ، وادخل في الموضوع مباشرة ودون تأخير .. حسناً .. كنت أقول أن البشر دوماً يمكن تقسيمهم إلى فئتين :
هناك من ينفجرون حين يتم استفزازهم .. يطلقون عليهم كذلك العصبيين ، وإن كان لفظ العصبي لا يعبر تماماً عن هؤلاء الأشخاص ، فيظل التعبير منقوص المعنى ، العصبي هو شخص تكون كل انفعالاته على درجة واحدة من الحدة .. في كل مرة سينفجر نفس الانفجار لو تعرض لنفس المؤثر الذي جعله يطلق العنان لإنفعالاته .. وهذا الشخص لا ينتمي للمقارنة التي أخبرك عنها . يمكننا نسيانه .
الأشخاص ذوي القابلية للإستفزاز هم من أتحدث عنهم .. وهم الذين يمكن أن تلتقط أسماعهم كلمة معينة فيبتسمون استحساناً لها ، وقد يستمعون لنفس الكلمة ، بنفس الحالة المزاجية السابقة ، ولكن الإختلاف الوحيد سيكون في طريقة قول الكلمة مثلاً ، أو _أنهم وياللصدفة !_ تذكروا شيئاً سخيفاً مرتبطاً بطريقة قول الجملة ، فيحدث انفجار كوني يشابه الإنفجار الكبير في بداية خلق الكون ..
هم غير عقلانيين ، لا ترتبط حالاتهم المزاجية بأي شيء له علاقة بالمنطق ، الحقيقة أنهم نقيض المنطق بكل أشكاله .. والحقيقة أنني أنتمي لهذه القائمة البديعة .. بصراحة أكثر ، لو أننا كونّا _معشر القابلين للإسفزاز _ مملكة مستقلاً نسكن نحن فيه فقط .. وجاء علينا هجوم المغول الذي لا يبقي ولا يذر ، وبعث المغول برسالة تهديدية يحملها رسول ملكهم .. وكانت مملكتنا المستقلة بلا رئيس (لأسباب سأحكي لك عنها فيما بعد) ، وسألنا رسول المغول بعربية ركيكة عن الشخص الذي يمكنهم _كمغول_ أن يتحدثوا معه ، وبدأ الجمع ينظرون إلى بعضهم البعض ، وإلى كرسي العرش الخالي تماماً من أي ملك (لأسباب سأحكي لك عنها فيما بعد) ، سأكون أنا من سيتقدم وسط الجمع لأقول للمغولي أن بإمكانه التحدث معي كملك ، ولن ينبس أحد من الجالسين بكلمة .. ليس لأنهم لا يريدون أن يكونوا ملوكاً ، ولكن لأنهم يعرفون أنني سأنفجر في الشخص الذي سيجرؤ على قول شيء مماثل ، أو أن يبدي تشكيكاً ولو ضئيلاً في صلاحيتي .. نعم .. وأكثر من ذلك بصراحة .. في الواقع أنا التعبير الإنساني الذي يمشي على الأرض للمثل الشعبي : "خدوهم بالصوت ليغلبوكوا" . أنا التجسيد الحقيقي لسيطرة جذع المخ على القشرة المخية نفسها ، انفعالاتي لا علاقة لها بأي سيطرة للإنسان على ذاته ، انفعالاتي هي سيطرة للبدائية بداخلي على التحضر الذي يتوارى في هذه اللحظات .. في أغلب اللحظات لو شئتِ الدقة . ولو كان جميع البشر يتحكم فيهم جذع أمخاخهم فقط في اللحظات التي تستدعي ذلك ، كرد الفعل المنعكس مثلاً ، الذي يظهر في لحظات معينة ، لا تحتمل انتظار القشرة المخية للتفكير فيها ، كإغماض العين مثلاً حين يتجه شيء ناحيتها سريعاً ، أو كما يلتفت الجسم كله حين يدوي صوت شديد العلو ، كنوع من محاولة الإنتباه لخطر قد يأتي من هذه الناحية ، وكلها أفعال تدافع عن وجود الكائن الحي .
وهو ما قد يعني أنني شديد الهشاشة أدافع عن نفسي ضد كل شيء ، لأن جذع مخي الفاضل لا يعترف بقشرتي ككيان قادر على الدفاع . وهو شيء ربما يكون صحيحاً ، لولا أنني سأكره نفسي جداً لو كان صحيحاً ، لهذا سأتجاهل كل هذا الكلام . وأطلب منك فعل المثل .
أنا ، بإختصار إذن ، أعيش برد فعلي المنعكس الذي قد تسيطر عليه قشرة دماغي أحيانا ً قليلة . وهو شيء لا أحبه ولا أكرهه ، هو شيء خلقت به .
كل هذا الكلام ، هو نوع من التقديم ، للكلام الذي أود قوله ، و هو ما يجعلك تخمنين أنني فعلاً خائف مما سأقوله ، لهذا أسلك أصعب الطرق إلى هذا .
بإختصار إذن .. ما حدث ، هو كالتالي :
كنت أنتِ في حالة شديدة السوء ، وكنت أنا كطفل أضاع أمه في سوق الخضار .. كل الموجودات حولي ، فجأة تتحول إلى أشباح مستعدة لإلتهامي في اللحظة التي أغمض عيني فيها .. وأغفل عنها ..
في هذه اللحظات التي تذهبين فيها إلى أرض الأشباح ، وكلمة أرض الأشباح هذه ليست من قبيل المبالغة ، أنا أكاد أرى المكان الذي تتجولين فيه في تلك اللحظات ، ومدى الرعب الذي تستشعرينه هناك . كلنا يملك أرض أشباحه الخاصة ، لكن أرضك أنت في دماغك ِ ، تحملينها معكِ طيلة الوقت ، ويبدو مجرد محاولة إبعادك عنها في الأوقات التي تكونين فيها من قبيل الأمنيات الطيبة .. لطيفة لكنها بلا تأثير ..
أردت أن أقول شيئاً ما .. شيئاً كنت شبة متأكداً من كونه ملطف عام ، ستضحكين ربما ، ستفكرين قليلاً وتقولين شيئاً شديد الروعة ، أو ستصمتين مفكرة فيه للحظات .. أي أنك في كل الحالات ستخرجين للتنفس الحر ولو قليلاً .
لكن كل هذا لم يحدث .. رد الفعل لم يكن ما توقعته ، رد الفعل كان مهيناً بعض الشيء : طلبت مني الصمت أو قول شيء مفيد .
سأوقف المشهد هنا لفترة لأتحدث قليلاًَ ..
سأحكي فقط قطعة من التاريخ حدثت منذ فترة ليست بالبعيدة .. ها أنا ممسك بسماعة التليفون ، أحادث صديقاً ، في موضوع لا يهم كثيراً أن نتذكره .. وها هو المشهد المعتاد الذي لم يعد يثير الدهشة : أبدأ في الإنفعال ، وتخرج مني الكلمات مزدحمة ، وكأنها تهرب بالمعنى الحرفي من الجحيم الذي بدأ في الإشتعال .. وهو لم يكن ذكياً ليدرك أن الانحناء حتى تمر العاصفة أمر شديد الفعالية للنجاة بحياته .. هو كان غبياً بعض الشيء ليطلب مني الآتي :
1) أن أحترم نفسي
2) أن أعرف جيداً أنني لا أكلم طفلاً في الحضانة
3) أنه لا يقبل مني هذا الأسلوب مطلقاً
وأنا في الحقيقة لم أستمع إلا لأول طلبين ونصف .. بمعنى أن أذنى لم تلتقط ما بعد كلمة ( يقبل ) ، وهذا حدث لسبب وجية ، أنني أغلقت الهاتف .. وضعت السماعة في مكانها مغلقاً الخط .
ما حدث بعدها أنه ملأ الدنيا صراخاً ، وحدثت عدة محاولات للصلح كانت مشكلتها الوحيدة أنني لم أكن مهتماً أصلاً بأي شيء ..
لماذا لا نقول الأمر بصيغته الحقيقة بدلاً من البحث عن الكلمات ؟
لو أن الأمر كله كان سينتهي بأن أقول له كلمة : "آسف" وهي كلمة تتكون من ثلاث حروف ونقطة ومد ألف ، وتستغرف أجزاء من الثانية لنطقها ، وكان هذا سيحل كل شيء ، ويجعل طيور الخير التي تسعى بيننا تعود إلى أعشاشها سعيدة .. فأنا لن أقول أي شيء .
سؤال استنكاري : هل ستتغير حالتك المزاجية لو زالت من كوكب المريخ جميع مرتفعاته الصخرية ؟ .. هل كنت تعرفين أصلاً أن كوكب المريخ عنده مرتفعات صخرية ؟ هل تهتمين أصلاً بالحالة المزاجية لكوكب المريخ ، وما إن كان مستريحاً في حياته أم لا ؟ هذا هو الأمر بالظبط .. ما حدث كله ، جعلني أدرك أن هناك _ياللعجب_مرتفعات صخرية في كوكب المريخ .. ولكن الخطوة التالية والتي تقتضي أن أهتم وأنفعل وأشياء من هذا القبيل ، هي أمور تحتاج لأن يكون المريخ في مجالي الكوكبي ، وهو أمر حدث منذ فترة بأقصى صورة منذ ستين ألف سنة وتخيلي أنه سيتكرر بعد مئتين وتسع وسبعين سنة .. وما يحدث أننا يمكننا رؤيته فقط . فقط أن نراه جيداً .
قد يبدو هذا متناقضاً مع سهولة الإستفزاز التي تحدثت عنها ، أنا لا أهتم بالكوكب صحيح ، لكنني كذلك ، لن أسمح لكوكب المريخ أن يبعث سكانه لكي يلعبوا في دماغي .
ملخص كل هذا الكلام : فليحيا جذع المخ . ولتتوار القشرة المخية ، لأن لا مكان لها .
فلنعد الآن للحظة الأصلية :
أنا سمعت ما تقولين وشعرت بالإهانة ، وأن ما حدث هو قفا معنوي شديد القوة ، له صوت كذلك .
ما "يفترض" به الحدوث الآن هو التالي :
سينتفض جذع المخ للإهانة ، سيصرخ كطرزان وسط الأشجار .. وينتفض مرسلاً سيلاً من الكهرباء إلى لساني ، وسيلاً مماثل التردد ، أشد في القوة إلى حنجرتي ، محركة أوتاري الصوتية . ولساني سيتحرك لكي يترجم صرخة جذع مخي إلى ترددات صوتية صادرة أساساً من الحنجرة ، وأنا يفترض أن أبدأ بقول كلام لا أميزه شخصياً ، عن أنني لا أقبل هذا ، وأن كلامي لا يمكن أن يتم معاملته بهذا الإستخفاف ، وأنني لا يمكن أن أسمح لأي شخص حتى لو كنتِ أنتِ (وهي جملة تبدو جميلة فعلاً) بأن يتعامل معي بهذا الشكل .
ولكن على أرض الواقع ، وبإستخدام الفعل الماضي ، فما "حدث" هو التالي :
كاد جذع المخ أن ينتفض لما يتصور أنه إهانة ، وأن يصرخ كطرزان وسط الأشجار ، وبدأ فعلاً في إرسال سيل من الكهرباء العصبية إلى اللسان ، واللسان بدأ في التحرك ، منتظراً فقط اللحظات التي تلزم عضلات التحدث في الإنقباض مفسحة المجال أمامه ، وأن ينفتح الفم مسافة تكفي ليخرج الصوت / الصراخ ، وأن تنتهي الأوتار من الإهتزاز الكامل .
لكن التصرف الذي فعله جذع المخ كان عكس كل هذا .. رد فعلي المنعكس يا عزيزتي ، كان أن أمسك اللسان ، ومنع أي سيالة عصبية بسيطة من الخروج .. طرزان إذن تصرف دون أهم أسلحته ، وتعلم أن عنده عضلات قد تكون أهم كثيراً من صوته . جذع مخي للمرة الأولى في حياتي ، تنحى .. مفسحاً المجال أمام القشرة المخية التي تسلمت الأمور ، مندهشة بالتأكيد ، ومنتظرة أن يعود الجذع في رأيه .. لكنه لم يفعل . وابتعد تماماً حتى اطمأنت إلى موقعها كمتحكمة تامة .
ما حدث في هذه الأثناء أنني فكرت في أنك الآن تعانين ، وأن الله لم يبعث بي لكي أكون فقرة جديدة من فقرات المعاناة والإيذاء ، وأنني _ببساطة _ لا أريد أن يحدث هذا .
ما حدث أنني أشفقت عليكِ من نفسي . وأشفقت على نفسي من إيذاء من لا يملك زمام نفسه . فابتسمت ، واعتذرت . رغم وجود أدلة يسهل توثيقها لإثبات حقيقة أني لم أخطأ لأعتذر ، ورغم أن هذا النوع من الإبتسامات اللطيفة _في نفس الوقت _ تناسب أكثر مشهداً من فيلم فرنسي قديم . والتي يتصادف أنني لم أكن يوماً ممن يهوونها .


الأحد، 9 أغسطس 2009

نصر صغير على الموت



الشعراء يموتون كذلك ، شأنهم بطبيعة الحال كشأن أي كائن حي .. شأنهم شأن الأسد والفراشة والقط والفأر حتى .. نشترك جميعاً في هذا التسلسل العجيب .. أن نولد فنحيا لبعض الوقت ، ثم نرحل بكل بساطة الكلمة ..
بصراحة ، أعتبر ذكر المسلمات بإعتبارها شيء يثير الدهشة ( كما أفعل الآن لو تلاحظ ) ، أن يصرخ شخص ما فجأة لأنه وضع يده على اكتشاف عظيم ، وهو أن الناس تموت ، شيء يستدعي الشفقة على الدماغ البشرية التي يحملها هذا الحمار ..
لكن الحقيقة أن موت محمود درويش ( مارس 1941 - 9 أغسطس 2008) فاجأني بالفعل .. ليس لأنه أتى فجأة ، أو لأنني كنت غافلاً فنبهني الموت وجعلني أظهر في المشهد التالي مغموراً بمياة الوضوء وحاملاً سجادة صلاتي ، كما يحدث في القصص الرديئة .
الحقيقة أن هذا أمر لا يختص بمحمود درويش نفسه ، ولو أن موته كان استثناءاً في كل شيء ، حتى في توقيته ..
لم أستطع التفكير إلا في أنني لن أقرأ له قصيدة تحمل وصف "الجديدة" .. سأتوقف إذن عن استخدام تعبير التجدد الذي كان يعشقه الرجل .. انتهى الأمر بكل بساطة الكلمة . لن تراه مرة أخرى في أمسية شعرية ينقلها لك التلفزيون حاملة على إحدى زاويتيها العلويتين كلمة :" مباشر " .. أصبح الوضع الآن موصوفاً بكلمة مقيتة وهي "الإعادة" لو كانوا رفقاء ، أو " مسجل " لو كانوا على درجة لا بأس بها من الفظاظة .
أكره الحديث عن الموت .. أكره الموت ذاته .. الأمر ليس أنني أحب الحياة (وأنا أحبها بالفعل) ولا لأني أخشى الموت (وأنا أخشاه بالفعل) ، الأمر أنني أكره الموت ببساطة لأني أمقت تبعاته ، وأمقت كلمتي " تسجيل " و "إعادة " اللعينتان .. أكره كون الجميع لا يتذكرون شخصاً إلا عندما يموت ، أكره احتفال مكتبة الإسكندرية بوفاة الرجل ، وأكره مشاهدة أفلام كثيرة ليوسف شاهين يوم وفاته ، وأكره كوني أكتب عن محمود درويش في يوم وفاته ، ربما في نفس الوقت الذي توفي فيه لأني لا أختلف في السوء عن أي من هؤلاء .. وأكره كوني أكره كل هذا لأني لا أستطيع تحديد الخطأ في الكلمتين أو الشيء الناقص في احتفالية مكتبة الإسكندرية ، ولا عرض التلفزيون للأفلام في ذكرى الوفاة .. أتذكر كلام التوحيدي عن أن " هناك ما يدور في الحواس ، يصعب أن تمثله الصفة " وأحاول تحديد ما يمكن أن أصف به كل هذا ، لكني أفشل ببساطة .
أكتفي فقط بالقول أنني حزين على وفاته ، وحزين أن ما يكتبه قد توقف على ما نملك الآن .. وآسف لأني لن امشي وراء أي رابط أراه في محركات البحث عن " قصيدة جديدة لمحمود درويش " لأنني أعرف أن هذا خبر قديم دون النظر حتى إلى التاريخ المجاور للخبر .
** ** ** **
هكذا تولد الكلماتُ . أُدرِّبُ قلبي
علي الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي
ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ
إذا التقتِ الاثنتان ِ :أَنا ، وأَنا الأنثويَّة
ُيا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ
ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا
عواصفَ رعديّةً كي نصير إلي ما تحبّ
لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .
وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .
فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ - لا شكل لك
ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً
أَنت حظّ المساكين /
من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراًمن الموت حبّاً
ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً
لأدخل في التجربةْ !
يقول المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه :هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ
فتسمعه العاشقةْوتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ
كالبرق والصاعقة
للحياة أقول : علي مهلك ، انتظريني
إلي أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...
في الحديقة وردٌ مشاع ، ولا يستطيع الهواءُ
الفكاكَ من الوردةِ /
انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي
فاُخطئ في اللحنِ /في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ
لنشيد الوداع . علي مَهْلِكِ اختصريني
لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :
تحيا الحياة !
علي رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ /
حتي علي الريح ، لا أستطيع الفكاك
من الأبجدية /
(لاعب النرد .. محمود درويش )


السبت، 4 يوليو 2009

!فكيف كان يمكن ؟


كان من المفترض ، أن تتم الكتابة عن عبد الوهاب المسيري (وهو أكبر من أي لقب) بالأمس .. أي ثالث أيام شهر يوليو ، وهو شهر أكن له شعوراً عميقاً بالمقت لتركز كل المصائب الكبرى فيه على الأغلب ..
كان من المفترض ، ولكنه لم يحدث .. وذلك بعيداً عن حقيقة أنه كان ليلة آخر إمتحان شفوي في هذه السنة العظيمة ، وإن كان هذا سبباً كافياً جداً .. لكن الحقيقة أنني لم أستطع كتابة أي شيء إلا الهراء المجسد ..
كلام لا أول له من آخر عن عظمة الرجل وروعة الرجل وتأثير الرجل ، وهي كلها أشياء لا تحتاج مني أن آتي لأثبتها لعموم البشر الذين كانوا يظنون العكس .. برحمة من الله ارسلني إليهم لأقول لهم معلومة مهمة جداً وهي أن : "المسيري كويس على فكرة" ..
تزامن هذا من حالة غريبة من الوسواس .. الحقيقة أنني طوال نهاري أمس أمس الأول لم أستطيع طرد لحن أغنية Black or White المميز من ذهني .. وهي أول أغنية سمعتها للأخ مايكل جاكسون ( تماشياً مع الهوجة السخيفة ) .. لا أذكر عمري وقتها في الحقيقة ، لكن على أي حال ، لابد كنت عنيداً للغاية حتى أقف أمام السلطة العائلية مقرراً أنني أحب هذا الرجل ، وهي تهمة بالمعنى الحرفي في أسرة تعتبر مثل هذا التصريح بداية لإعلاني المتوقع عن إنحرافي الأخلاقي المرعب.. وهذا مجرد مثال في الحقيقة على تأثير مايكل جاكسون في عصر لم تكن القرية الصغيرة ، صغيرة إلى هذا الحد .. و بصراحة ، يمكنني الآن أن أتفهم ما الذي كان يخيفهم إلى هذه الدرجة .. مايكل كان دوماً عصياً على الإدراك والفهم .. يعود بك بكل بساطة للتفكير بغريزتك لا أكثر .. الرقص ، الرموز الجنسية التي تمتليء بها أغانيه وكليباته .. طريقه الغناء نفسها ـ أصبعه الأوسط الشهير ، وإمساكه لأماكن حساسه من جسده بكل بساطة ، كل هذا يبدو فعلاً كمصيبة تأثيرها سيقع على الطفل الصغير الذي كنته ..
كان لقائي الأول بالمسيري سعيداً .. بدأت كما هي العادة بكتبه الصغيرة الممتعة الصادرة عن دار المعارف .. سلسلة (إقرأ) تقريباً : (اليهود في عقل هؤلاء ) و أدهشني بغزارة أفكاره وقدرته على تحويل كتاب يفترض أنه مجرد تجميع وسرد لحيوات (هؤلاء) إلى عمل ممتع جداً .. ثم بدأت العجلة في الدوران وأنتهت عند كتابه الجامع (رحلتي الفكرية / سيرة غير ذاتية غير موضوعية) ..
أذكر حتى هذه اللحظة ذهولي حين بدأت فيه ، وشعوري الذي لا يتكرر كثيراً بالإنجاز حين انتهيت منه في اسبوع ونصف ، ورغم انني عموماً قد أقرأ كتاباً بهذا الحجم في خمسة أيام إن لم يكن أقل ، إلا أن الكتاب أجبرني إجباراً على التمسك بكل كلمة وكل تعبير ..
في وسط العجلة هذه أعتقد أن عمله المذهل (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة) بجزأيه الأول والثاني ، هو عمل لم يتكرر في الثقافة العربية ..
كلما تذكرت المسيري ، تداعت إلى ذهني الفقرة الأخيرة من كتاب (رحلتي الفكرية .. ) :
"كان هناك فنان، يعيش في مدينة كوورو، دائب المحاولة للوصول إلى الكمال.وذات مرة تراءى له أن يصنع عصا. وقد توصل هذا الفنان إلى أن الزمان عنصر مكون للعمل الفني الذي لم يصل بعد إلى الكمال، أما العمل الكامل فلا يدخله الزمان أبداً. فقال لنفسه : سيكون عملي كاملاً من جميع النواحي، حتى لو استلزم الأمر ألا أفعل شيئاً آخر في حياتي.فذهب في التو إلى غابة، باحثاً عن قطعة من الخشب، لأن عمله الفني لا يمكن أن يصنع من مادة غير ملائمة. وبينما كان يبحث عن قطعة الخشب، ويستبعد العصاة تلو الأخرى، بدأ أصدقاؤه تدريجياً في التخلي عنه، إذ نال منهم الهرم وقضوا.أما هو، فل يتقدم به العمر لحظة واحدة، فوفاؤه لغايته وإصراره وتقواه السامية أضفت عليه، دون أن علمه، شباباً أزلياً.ولأنه لم يهادن الزمن، ابتعد الزمن عن طريقه، ولم يسعه إلا أن يطلق الزفرات عن بعد، لأنه لم يمكنه التغلب عليه.وقبل أن يجد الفنان العصا المناسبة من جميع النواحي، أضحت مدينة كوورو أطلالاً عتيقة فجلس هو على أحد أكوامها لينزع لحاء العصا، وقبل أن يعطيها الشك لالمناسب، كانت أسرة كاندهار الحاكمة قد بلغت نهايتها، فكتب اسم آخر أعضائها على الرمل بطرف العصا، ثم استأنف عمله بعد ذلك.ومع انتهائه من تنعيم العصا وصقلها لم يعد النجم كالباً في الدب القطبي. وقبل أن يضع الحلقة المعدنية (في طرف العصا لوقايتها) وقبل أن يزين رأسها بالأحجار الثمينة، كانت آلاف السنين قد مرت. وكان براهما قد استيقظ وخلد إلى النوم عدة مرات.وحينما وضع الفنان اللمسة الأخيرة على العصا، اعترته الدهشة حين تمددت العصا بغتة امام ناظريه لتصبح أجمل المخلوقات طراً، لقد صنع نسقاً جديداً بصنعه هذه العصا، عالماً نسبه كاملة وجميلة، وقد زالت في أثناء صنعه مدن وأسر قديمة، ولكن حلت محلها مدن وأسر أكثر جلالاً.وقد رأى الفنان الآن وقد تكومت عند قدميه أكوام النجارة التي سقطت لتوها، رأى أن مرور الوقت في السابق بالنسبة له ولعمله كان مجرد وهم، وأن لم يمر من الوقت إلا القليل.كانت مادة عمله نقية صافية، وكان فنه نقياً صافياً، فكيف كان يمكن للنتيجة ألا تكون رائعة؟"
أعتقد أن شعوري بالحزن على مايكل جاكسون هو نوع من الدهشة أكثر من أي شيء آخر .. أنه يموت مثل الآخرين ! .. وهو لم يكن أبداً ، ولو ليوم واحد من هؤلاء الآخرين .. تمرد على حياته ، وعاش كما يحب هو وبالشكل الذي يرضيه ، وهذا نموذج مذهل فعلاً لقوة غريبة ..
يحكي عبد الوهاب المسيري في مقطع غريب من كتبه أنه اشتري قميصاً من نوع معين ، الأغلب أنه من شركة لها أسم تجاري شهير ، وأكتشف وجود قطع ما في هذا القميص .. يقول هو أنه قرر أن يستمر بإرتداءه كما يفترض بعمره الإفتراضي ، مع توضيحه المتكرر أنه يلبس هذا القميض رغم القطع الواضح فيه ، فقط لتسجيل موقف ضد الشركات والإستغلال .
والأمر لا يقتصر على هذا .. يشرح كذلك أنه قام بتصميم قميص معين ، يتماشي مع البيئة المصرية التي يعيش فيها ، فيقرر أنه سيكون بلا ياقة ، وسهل الغسل ، وبلا أكمام طويلة .. ربما يبدو الأمر بسيطاً للغاية لكن الحقيقة أن أسلوب الحياة الذي يرفض القولبة والتمرد على وضع الإنسان لنفسه في مجرد قائمة طويلة ، في رأيي ، هو بداية أي عمل له معنى من أي نوع .
يقول مايكل جاكسون في معرض حديثه عن ألبوم (Thriller) والذي حقق أعلى معدل مبيعات في التاريخ ، أنه فقط قرر أنه سيكون الأفضل .


">

الأربعاء، 24 يونيو 2009

قاب قوسين أو أدنى


وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)
( سورة النجم .. الآيات من (1) إلى (18) )

السبت، 13 يونيو 2009

الله يلعن إبليس .. وشوية ناس كدا


وبمنتهى الأمانة يا صاحبي .. أنا لم أكن يوماً من الذين يسخرون من خلق الله عمّال على بطّال .. بسبب وبدون سبب ..
كنت دوماً أقول أننا يجب أن ندع الخلق للخالق ، وأن كلك عيوب وللناس أعين , وأشياء كثيرة تنتمي لعيون الحكمة التي تمنع الواحد من أن يقول الكلمتين المحشورين في زورة دائماً ..
دعك الآن من كل ما قلته ،
كان يبدو أنه صباح سعيد .. وكنت مستمتعاً بنسمة البرد اللطيفة في الجو لأنه سيتحول إلى جهنم بعد قليل ، وكنت قد قضيت الليل بأكمله محلقاً في السماء تقريباً .. وها أنا ذا .. أجلس في الصباح كأي بني آدم طبيعي يجلس في الصباح متصفحاً بريده الإلكتروني ، وملقياً نظرة سريعة على الفيس بوك ، وهي عادة أوقفها عند حدها (الفيس بوك أعني) كل فترة لأنني ما زلت عند رأيي في كون الفيس بوك عبارة عن تجميع لكل ما أكرهه في الحياة ، لكن على أنظف ..
كان يبدو أنه صباح سعيد .. وكنت أستمع لأصالة وللأخ صابر الرباعي يغنيان (ع اللي جرى) .. وكنت قد بدأت أنتشي فعلاً حين فكرت في أنني سأسمعها بعد ذلك بصوت (عُلية التونسية) وهي تمتلك صوتاً صبوحاً بالفعل ، يليق بكونها أول من غنى الأغنية يعني ..
كنت أقول أنني ألقيت نظرة سريعة على الفيس بوك ، والحقيقة أنني عوقبت على هذا سريعاً ، وجدت الـ"حالة" لكائن ما لا أعرفه أساساً في وجهي ، وهي جملة يفترض أنها شعرية ، لأنني عرفت منذ يومين أنه شاعر ، يقول فيها شيئاً عن الحبيبة والخنجر والقلب المسفوح والدم المسكوب والشريان .. ولأنني في فترة أراقب فيها ألفاظي بجدية بعد أن كنت أقول كل مرة أفشل فيها في مراقبة ألفاظي أنني سأقول ما أود قوله هذه المرة فقط , ثم سأبدأ بالتحول إلى إنسان محترم منذ الغد .. وهي العادة التي ورثتها منذ الصغر : (هابدأ مذاكرة من يوم السبت) ، و أكتفيت بالقول أنه : يا رب .. وشعرت بالفخر بنفسي ..
وكان أن تركت كل هذا وتتبعت وصلة الله يحرقها ، أوصلتني إلى موقع العربية .. والحقيقة أنك يا صحابي لابد أن تنسى كل الكلام الذي قلته لك عن موضوع السخرية من البني آدمين وكل هذا الهطل .. ومن فضلك اقرأ تعليق العزيزة "نانسي الأمورة الخطيرة" التي تعلق على خبر عنوانه يقول : (موسوي يعلن فوزه الساحق بالإنتخابات .. والحرس الثوري بحالة تأهب) بقولها :
" اول ما فتحت على العربية نت افتكرت ان عيوني زغللت وفتحت على ايراني نت ........معقوله كل هذا اهتمام بانتخابات ايران ؟ حتى لبنان ما كان اهتمامكم فيه بهالقدر !!!!!.........الهمممممممممممم وش بقيت اكتب الله يلعن ابليس نسيتوني ....... ايوه ....... بكتب رسالة للازرقي بس رجااااااااااااء يا ناشر لا تقص منها او تحجب نشرها الله يهديك انت تعرف اني ما اتواصل مع المعلقين بالاميلات وغيره والا كنت ارسلتها له على امايله ...... وما عندي سبيل الا الله ثم العربية نت فرجائي انك تنشر بكل مصداقيه وامانه واخلاص .....اليوم جمعه ترى بدعي لك بالخير اذا نشرت وان ما نشرت ما في داعي اكمل لانك تعرف ايش راح يصير هاهاهاها ..... امزح .......والله عن جد يا ناشر ليش قاعد لي شوكه في الطريق وتتفحص وتتمحص تعليقاتي وما خليت تعليق الا قصيت منه كم كلمه او سطر ......وياريتك تقص عدل مدري ليه قصك لتعليقاتي يدمج الاحرف بالكلمات المقصوصه و يحول كلماتي الى لهجه غير مفهومه قعدت ادور لاي لهجة تنتنمي وفي النهاية طلعت لم تخلق بعد ؟!! ..........رسالتي للعزيز الازرقي هي ( رجاء الملاقيف ليش قاطين وجهههم يلااااااااااا كل واحد يستحي على دمه ويغض بصره انا قلت رسالة للازرقي مو للمعلقين والمعلقات ...... اعوذبالله من هالتجمهر .....ياشين اللقافه ) ازرقي انا حذرتك من استلام اي اتصال يزعم انه نانسي وانت لم تستمع لنصيحتي هداك الله ....... اعلم جيدا" ان كل من حادثكتك او حادثك هم من شلة سهرني الليل هم معجبات بك لكن لا يستطعن البوح بذلك بسبب افكارهم الارهابية التي تخالف فكرك المسالم ومع انهم يسخرون منك الا انهم يعلمون انك نجمهم المفضل و سيدهم وتاج راسهم .......... على العموم انا لو نويت ان احادثك على الهاتف او اطلب اضافتك على بريدك ساعلمك هنا ...... هل قرئت ذلك جيدا" كتبت هناااااااااااااااااا اي على العربية نت وباسمي الحقيقي مو المزور الذي يكتب به اكثر من 15 شخص ......... وتاكد جيدا" قبل ان اطلب اضافتك على الامايل ساخترق امايلك وكل الامايلات التي يحويها بريدك حتى اتاكد من خلو الطريق من المفسدين والمفسدات وان وجدت الطريق سالمه ونظيفه ستجد اسمي ينور امايلك ...........تحياتي لك ولجميع افراد الشلة الاحبة الطيبون ........هاني الشمري ودموع من الدنمارك ودواء الفكر ومحامي العراق وبنيا و مهاتير العراق وسعودي كلي فخر وقطيقي شيعي يفتخر وجميع الاحبة الذين لم اذكر اسمائهم لكثرتها ما شاء الله .......تحياتي لكم وجمعه مباركه عليكم وصباكم ورد ومسك .....................@ "
والحقيقة يا صاحبي أنني سأبدأ من يوم السبت بقا ..

الأربعاء، 6 مايو 2009


">

أولاً : كنوع من التحية الرسمية لأيام زي السكر ..
ثانياً : كنوع من إعادة التنوية بالإنبهار الطفولي الأهطل الذي انتابني أول مرة , من حجم الجمهور الذي يتحرك مع حركات الأخ eminem .. وهي ملحوظة محرجة حين تأتي من شخص يفترض أنه ناضج
ثالثاً : كنوع من التأكيد على أنني لست بالطيبة التي أبدو عليها .. وهو الشيء الذي لا أكف عن قوله ، ولا يكف الناس عن عدم تصديقه
رابعاً : كنوع من التأكيد على أن الأشخاص الطيبون يتظاهرون أنهم يحبون Eminem حين يريدون الظهور بمظهر المنحرفين ، وأنا هنا أقول بكل وضوح أنني لا أفعل هذا .. أسباب إهتمامي بالشخص سالف الذكر مختلفة كلياً ..
خامساً : كنوع من إعادة التأكيد أنني سأطلّع ميتين أم أشخاص معينين في هذا العالم .


الأحد، 3 مايو 2009

الصورة


تخيفني الصورة منذ الآن :
الجلوس وحيداً أجتر كل الذكريات كمدمن .. كل الذكريات التي تُخلق الآن بعذوبة الجنون ..
تخيفني الصورة منذ الآن ،

الأحد، 26 أبريل 2009

أني أنتظرت طويلاً


كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة

وجدنا غريبين يوماً

و كانت سماء الربيع تؤلف نجما ... و نجما

و كنت أؤلف فقرة حب..

لعينيك.. غنيتها!

أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا

كما انتظر الصيف طائر

و نمت.. كنوم المهاجر

فعين تنام لتصحو عين.. طويلا

و تبكي على أختها ،

حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر

و نعلم أن العناق، و أن القبل

طعام ليالي الغزل

و أن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ

على الدرب يوما جديداً !

صديقان نحن، فسيري بقربي كفا بكف

معا نصنع الخبر و الأغنيات

لماذا نسائل هذا الطريق .. لأي مصير

يسير بنا ؟

و من أين لملم أقدامنا ؟

فحسبي، و حسبك أنا نسير...

معا، للأبد

لماذا نفتش عن أغنيات البكاء

بديوان شعر قديم ؟

و نسأل يا حبنا ! هل تدوم ؟

أحبك حب القوافل واحة عشب و ماء

و حب الفقير الرغيف !

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة

وجدنا غريبين يوما

و نبقى رفيقين دوماً


( أجمل حب .. محمود درويش )


الخميس، 23 أبريل 2009

فـي الـحـقـيـقـة


كان ملمس يدها شديد الاعتيادية , فكر بعدما أفلتها بثوانٍ أن اليد لا تختلف عن أي فتاة صافحها طوال حياته ..
كان يتوقع شيئاً مختلفاً في الحقيقة , ليس شيئاً شديد الرومانسية مع ذلك .. ليس مثلاً أن تنفجر الأزهار في يده , أو ينبثق نبع ماء يسيل حتى يقول في فزع شيئاً قريباً من "زُمّي زُمّي" , أو أن يهدأ الجو و يصفو , وتنتظر العصافير على الشجر ما سيحدث بينهما الآن .. أو تقرر فجأة أن تهبط لتشرب من نبع الماء هذا .. فتصاب هي بصدمة مما تراه , ثم تبتسم مثلاً وتقرر أنها لا يمكن أن تخاطر بالابتعاد عن شخص تشرب العصافير من يده .. متناسية مع ذلك _ أو لذلك _ أنها سبب وجود النبع من الأصل ..
كل الأشياء على مثل هذه الشاكلة , توقف عن التفكير فيها منذ فترة , ليس لأنه اقتنع بعدم واقعيتها , أو جدواها , ولكن لأنها لم تعد تنهال على رأسه كما كانت تفعل قديماً .. لم يكن يتوقع لأي من هذه الأشياء أن تحدث إذن , لكنه , في ذات الوقت , لم يتوقع أبداً أن تكون يدها بهذه الاعتيادية ..
ما حدث ببساطة ، أنها تركت يدها في يده بعض الوقت ، وحركتها صعوداً وهبوطاً ، ثم انتزعت يدها ببساطة ، ولم ينبثق نبع ماءٍ حين صافحها , ولم يجف حين تركت يده ، ببساطة .. وبالمناسبة , العصافير التي كان سيعتقد في أي ظروف أخرى أنها تراقبهم الآن ، لم تكن موجودة أساساً .. وشعر هو أنه يفتقد صوت الزقزقة جداً في تلك اللحظات دون تفسير .
في الحقيقة , كان الصوت الوحيد الذي يسمعانه هو صوت القطارات التي كانت تتوقف بجوارهما لبعض الوقت ، ثم تستمر في رحلتها .. فكر أن افتراقهما الأول في محطة قطارات هو شيء رومانسي جداً .. لن ينسى هذا أبداً ، كذلك أنه سيقول بعد ذلك أن افتراقهما هذا لم يكن صاخباً على الإطلاق .. وأنهما فعلاها كشخصين ناضجين .. ولكنه لم يستطع تحديد إن كانت كلمة "ناضجين" هو شيء يجب على المرء قوله أم إخفاؤه .
ما كان ينقص المشهد فعلاً هو المطر .. صحيح أن السماء كانت ممتلئة بالسحب نوعاً ما .. إلا أن هذا لا يكفي مطلقاً ..
لابد من المطر في أي افتراق لكي يكتمل المشهد بشكل صحيح .. وهو عندما فكر في هذا تساءل إن كانت هذه بشرى خير أم لا يمكن التعويل عليها .. وعاد ثانية للتفكير إن كانت الفكرة صحيحة أم أنها مجرد فكرة تقليدية في الأفلام ..
توقف عن الحديث لفترة تساءل فيها بداخله إن كان إتمام المشهد كما ينبغي يهمه أكثر ، أم عدم اكتمال عناصره بما يسمح بتغيير نوع المشهد أساساً ..
ربما يعني عدم الاكتمال أن الفراق لن يكون أبدياً لهذه الدرجة ، وأن لحظة ظهور طاقم عمل الفيلم ستتأخر بعض الوقت ..
ابتسم للفكرة الأخيرة ، فسألته لماذا يضحك .. عقد حاجبيه ، وشعر بثقل في لسانه وهو يقول أنه يبتسم فقط .. وهي هزت رأسها وكأنها لم تسمعه وسألته عن سبب الابتسام ، فعقد حاجبيه أكثر متسائلاً عن سبب تساؤلها ، قالت انها تتساءل لأنه من الغريب أن تتحدث هي بكلام ينز نكداً ، فيبتسم هو .. وهو قال أنه لم يلتقط نصف كلامها الأخير لأنه كان يفكر في أشياء جعلته يبتسم .. وهي أدارت وجهها ناحية المقاعد الرخامية التي كانت خالية تماماً وصمتت .. أراد أن يقول شيئاً ما ، ولكنه قرر أن يكتفي بتأمل وجهها الذي يطل عليه من منظور جانبي ..
عندما أدارت وجهها مرة أخرى ناحيته ، وبتزامن لا بأس به مطلقاً ، كان القطار قد بدأ في الظهور من بعيد .. ابتسم مرة أخرى ، وهو يفكر أن الأمر بدأ يتحول إلى فيلم متقن جداً .. المشاهد يتم التقاطها بعناية شديدة ، وبلا ذرة من العشوائية ..
فكر في أنه يجب عليه قول شيء ما .. البطل لابد أن يقول شيئاً ما حين يظهر القطار .. ولكن شعور الثقل هذا استمر في السيطرة عليه ، فقرر أن يصمت تماماً حتى تتحدث هي ..
وهي لم تفعل إلا بعد فترة طويلة .. قضتها في النظر إليه .. فكر هو أن هذا كذلك لابد أن يحدث .. لكنه لم يستطع تحديد إن كانت النظرات التي ترمقه بها الآن نظرات اشتياق بإعتبار ما سيكون ، أم غضب بإعتبار ما كان ..
فقط عندما تحدثت سألته إن كان يريد شيئاً ما.. وهو شعر بأن الأمر يفلت منه ، وأنه لابد فعلاً أن يتحدث الآن , حاول تحفيز نفسه بالتفكير أنه سيندم كثيراً على حالة الخرس تلك فيما بعد ، فشكرها .. ثم انتبه ان هذا هو أسوأ رد فعل يمكن تخيله على جملتها .. لكنه عندما حاول تصحيح ما قال ، تحركت هي بالفعل .. هزت رأسها ناحيته ، وبعدها أعطته ظهرها ، وتحركت ببطء .
نظر للحقيبة في يدها التي لم تكن ثقيلة ، وتساءل إن كان مخطئاً لأنه لم يعرض حملها .. فكر في أن يسرع الآن ، ويمسك الحقيبة منها ، وهذا أولاً شيء سيريح ضميره ، وثانياً سيمنحه حجة لا بأس بها للحديث ..
هو تحرك فعلاً لكنه قرر أن يؤجل هذا إلى اللحظة التي ستلتفت فيها نحوه مرة أخرى قبل الصعود إلى القطار .. اللحظة التي ستمسك فيها بالقائم المعدني وتتوقف لثوان تنظر فيها إليه بشجن .. قبل الاختفاء ،
ما بدا له غريباً أنها لم تفعل .. لم تتوقف ولو لثانية .. ولم تنظر له لا بشجن ولا بغيره .. و لم تمسك القائم المعدني إلا لكي ترفع جسدها لتدخل إلى القطار بمنتهى الهدوء ..
هو شعر بأن هذا خطاً ..
لكن ما بدا مهيناً ، كان أنه حينما قرر أنه سيرحل قبل أن يتحرك القطار ، كنوع من الاحتجاج الصامت ، وبدأ فعلاً في تنفيذ قراره ،
وبزاوية بدت مستحيلة .. سقطت قطرة مطر على راحة يده اليمنى .. قبل أن تتلوها أخريات سريعاً ..

الثلاثاء، 31 مارس 2009

عن الحد


(1)

مرت فترة ، كان إحساسي بالوحدة فيها غير طبيعي ..

أوقف أي مار يرميه الحظ أمامي .. ابتسم بخجل ، وأضع عيني في عينه مباشرة ، وأسأله بثقة عن الطريق إلى أي مكان يخطر في بالك تلك اللحظة ،
محطة القطار ، أقرب محل اتصالات ، أقرب سنترال ، أفضل / أرخص "حاتي " ، فندق ، مطعم ، قهوة ، المجلس المحلى ، أفضل محل لتصليح الساعات القديمة ، ويمكن بعدها أن أستغل بضع دقائق للسؤال إن كانت تبيع الساعات الجديدة أم لا .. رغم أنه من المنطقي أن المحلات التي تصلح الساعات ، تبيعها كذلك ..

أو يمكن بكل بساطة أن أشير إلى يدي اليسرى ، ناقراً بإبهامي ، متسائلاً عن الوقت بالحركة المسجلة تاريخياً باسم التساؤل ..
وبما أن هذا السؤال تكون إجابته في ثوان معدودة لا تتيح أي مط للحوار ، لهذا ، فاستخدامه الحقيقي يتجلى حين أشعر بذلك النوع من الوحدة الذي لا أرغب أثناءه في محادثة طويلة مع من أوقفه .. فقط كلمتان هي ما يلزم ..

الاختيارات كثيرة أمامي على الدوام .. مثلاً .. صبيان المقاهي الذين أسألهم عن أي اسم يخطر ببالي ، أقول أنني سمعت أنه يجلس هنا ، أو أنه شخصياً من أبلغني أنه يجلس هنا .. هذه من أروع اللحظات بلا نقاش . يعتصر الفتى جبينه ، يسأل مالك المقهى حين ييأس من التذكر .. يُشرك كل الجالسين في محاولة ، أدرك أنا وحدي أن لا معنى لها ، لتذكر هذا الشخص ، الذي أبدأ في إعطائه الوجود المادي بأوصاف متتالية ، تخطر سريعاً على بالي .. طويل لكن أصلع على خفيف / قصير يرتدي قمصاناً مقلمة دائماً / دمه خفيف جداً أو صامت كقبر / له أسنان منخورة من الدخان أو سقطت أساساً / يجلس داخل المقهى أو على الكراسي الخارجية / يدخن التفاح .. المعسل .. لا يدخن أساساً ( وهي علامة مميزة جداً .. تجعل البعض يذكر أسماءً بعينها .. بل وقد ينكرون وجود أشخاص غير من ذكروا أسماءهم بحماس شديد) / يعمل مقاولاً .. سمساراً .. في وزارة التربية والتعليم ..
أياً يكن ، الوظيفة تكون هي الطريق لمواضيع متعددة ، حين يسأل أي شخص من الجالسين عن السبب الذي يجعلني راغباً في مقابلة المقاول / السمسار ....
وهذه فرصة رائعة أخرى للحديث في موضوع ممتد وطويل .. المهم هنا ، ألا أنسى ما قلته .. وألا تكون تفاصيلي متناقضة .. وان أترك الآخرين يتحدثون عن رأيهم في مشكلة الأرض او العمارة التي أريد بنائها أو التعيين الذي أرغبه في الوزارة .. أو حتى الزواج ، حين يكون من انتظره ، حماي المستقبلي الذي يتم مقابلاته على هذه القهوة .. والذي ينسون جميعاً أنهم لم يسمعوا أوصافه ، أو يرونه أبداً ، بمجرد أن يبدأ واحد منهم في الحديث ، وإسداء النصح لي بطريقة أبوية ، قبل القيام بهذه الخطوة الكبيرة .

لم تكن كلها أياماً حافلة بكل تأكيد .. أحياناً كان الجميع يصر ، باتفاق ضمني على الحديث في أضيق الحدود الممكنة ..
في "المعتاد" لم أكن أعدم من يشير بيده ناحية طريق ما ، ثم يعطيني ظهره سريعاً ، دون أي محاولة لاستكمال الشرح ، ويمضي ..
لكن "المعتاد" أن تكون هذه حالات معدودة ضمن حصيلة اليوم المتّسعة من المتحدثين .
لكن أن يقرر الجميع فجأة أنهم مشغولون لدرجة أنه لا يمكنهم التوقف لدقائق كي يتحدثوا مع البائس الذي هو أنا ، فهذا يبدو مريباً .. كيف يمكن مثلاً أن سائقو التاكسي يكفون عن لعن الجميع ويتوقفون عن الشكوى من أسعار البنزين ؟ .. وتبوء كل المحاولات التي كنت أبذلها لتحفيزهم على الحديث ، بالفشل ..
حتى حديث الطقس المعتاد الذي لا يقاومه بشري ، فضلاً عنهم ، يفقد سحره ، ويتوقفون هم عن تحليله ، واستنتاج أن كل هذا لعنة من الله علينا لأننا جميعاً أولاد ستين كلب .
صبي المقهى يتوقف عن الاهتمام .. يهز رأسه بالنفي ولا يحاول حتى أن يتأكد من أوصافي عن الشخص الذي اتفقت على مقابلته هنا ، وينصرف سريعاً بلا اهتمام يذكر .. حتى انه ينسى أن يسألني عن طلبي ..

تصبح وكأنها لعنة .

حتى حديثي ، يتوقف عن كونه مضحكاً لعاملات المغسلة .. يستلمن الملابس بهدوء شديد .. يعطينني الوصل بآلية تامة .. يبتسمن بمهنية ، ويقلن أنني شرفت ، منهيات كل إمكانية لأي حديث .. وأنا أبتلع فكرة أنني شرفت فقط .. وأنني لن أضحك لبضع دقائق .. وأخرج .

عندها كنت أقرر التوجه بالحديث للقطط ..
تكون واحدة منهمكة بشدة في استخلاص شيء يمكن أكله من كيس قمامة أسود ، واضح أنها من مزقه ليخرج أحشاءه .. اقترب بهدوء .. ترفع رأسها بهدوء أشد .. ابتسم بتردد و أنا أقول "هاي قطة " .. وهي تبقى على هدوئها دون تغيير .. متى كانت اللحظة التي كفّت فيها القطط عن الخوف من البشر ؟! .. اقترب أكثر .. فتتحفز لكنها لا تترك مكانها .. أقوم بحركات بلهاء مفاجئة بقصد إشعارها أنني خطير .. لكنها تتحفز أكثر فأكثر ، دون أن تتأخر ، ولو لخطوة ، عن مكانها الأصلي . أحرك يدي اليسرى أو اليمنى مع قدم وأنا أصدر أصواتاً غريبة بفمي .. عندها تعيد رأسها إلى كيس قمامتها .. حقاً .. متى كفت القطط عن الخوف من البشر ؟

النتيجة المنطقية تكون الوصول لحالة من الجنون المؤقت ..
أمشي إلى الشارع ، أتوقف .. أغمض عيني وأسمح النفسي بالتفكير فيما أفعله .. تتعالى ضربات قلبي ، فأقرر العبور قبل أن أتراجع ..أتحرك للأمام .. أشدد من إغماض العينين .. أغلق فمي بشدة .. واكز على أسناني متوقعاً لحظة الاصطدام بكل تجلياتها .. لكن هذا لا يحدث ..
أجد نفسي على الضفة الأخرى بكل بساطة .. يبدو الأمر مهيناً لسبب غير مفهوم . ألقي بنظرة على الطريق .. أرى العربات القادمة من بعيد معاً .. أفكر في تكرار المحاولة ، لكني أشكك في عدالة اللعبة حين يثق المرء من نتيجتها .. أبتعد بهدوء ..

(2)

أهم حكمة يجب على الواحد الاقتناع بها بلا جدال .. أن الأقوال المأثورة ،والحكم، صحيحة _يا للغرابة_ أحياناً .

للأسف هذه الحكمة كثيراً ما يُشكك فيها .. وأنا نفسي كنت أظن فائدة الأقوال المأثورة والحكم ، أن نسخر منها فقط .. بالتأكيد لم يكتبها أصحابها وهم يظنون فعلاً أنها حقيقية .. هم فقط يرفّهون عمن سيأتي بعدهم ، ويقرأ هذا الكلام .. أو يرفهون عن أنفسهم ، وهم يتصورون كم الحمقى الذين سيقتنعون بهذا الكلام . ضحك ممتد عبر العصور إذن هو ما يحدث ..
والحقيقة كذلك .. أنني كلما قرأت مثل هذا الكلام .. ضحكت .. وأنتهيت إلى الاعتقاد بأن هؤلاء الناس ، أصحاب نكتة من طراز رفيع ..

لهذا كانت دهشتي حقيقيّة خام .. حين اكتشفت أن السيف ، فعلاً ، أصدق أنباءاً من الكتب .. وأنك إذا غامرت في شرف مروم ، فيستحسن ألا تطمع فيما دون النجوم .. وبالطبع كل ما قاله المتنبي على سبيل القضاء على أوقات الفراغ في الأوقات التي لا يقول فيها المدح أو الهجاء ، يبدو أن كل هذا حقيقي .. كما أن التعبير الذي يقول أن الحزن لا يدوم ، والفرح لا يدوم ، لأنه لا يدوم إلا القيّوم .. صحيح كذلك ..
الحزن يختفي بالتدريج ككل شيء .. حتى الوحدة ..
لهذا يمكن القول ، بلا شعور كبير بالغباء .. أن حياتي ضاقت ، فلما استحكمت حلقاتها ، فُرِجت ، وكنت انا أظنها لا تُرج ولو بالطبل البلدي ..

(3)

توقفت فجأة ، مثلما بدأت ، تلك الحالة ..
لم أعد أوقف المارة ، وأستفهم منهم عن أي مكان يخطر ببالي ، قبل ثوانٍِ من قولي .. لم أعد أوقفهم إلا لسبب واضح ومحدد ..
حينما أود الذهاب إلى محطة القطار ، أسأل من أجده أمامي عن مكانها .. وحينما أود الذهاب للأكل في مطعم جيد ، أسأل من أمامي إن كان يعرف مكاناً يُقدم فيه طعام جيد .. ولم أعد طبعاً أسأل عن أي سنترال قريب إلا حينما فعلاً أكون راغباً في الذهاب للاتصال بشخص ما .. وطبعاً لم أعد أسأل السؤال التقليدي إن كان المحل الذي يبيع الساعات القديمة يبيع الجديدة ، لأنه من الطبيعي أن يفعل هذا ..
وكذلك سؤالي التقليدي عن الوقت لم يعد مطروحاً ، حيث لا أحتاج للسؤال أصلاً .. لأنني كنت أرتدي واحدة طيلة الوقت .. وإن كان ذراع القميص يغطيها حين كنت أريد لها الاختفاء في الحال ، قبل النقر عليها بالسبابة .
حتى سائق التاكسي الذي قال لي أنه "من عدم تقواهم ، جعل صيفهم شتاهم " .. همهمت له فقط ، وأنا أهز رأسي ، ولم أعلق بكلمة ..

والآن ، أدخل المغسلة ، وأخرج ، دون أن أنتبه حتى لمن بداخلها ، لأنني أكون متعجلاً للغاية ، وتبدو لي الدقائق التي يستغرقونها لاستلام الملابس وإعطائي وصل الاستلام ، طويلة للغاية ،

لكن القطط استمرت على حالها .. لا يبدو أنها تشعر بأي تهديد من ناحيتنا ..
القول الحكيم _والذي يجب أن يتم تصديقه_ يقول انك لا يجب أن تثق في مدينة يخاف كلابها من الناس .. ولكن ماذا عن مدينة لا تخاف قططها من البشر ؟

هذا هو السؤال الذي جعلني أقطع طريقي المعتاد وأتوجه نحو القطة التي مررت عليها ..
بدا أنه خلط متعمد من دماغي أن أتخيل أن هذه القطة مألوفة لي نوعاً ما .. تغلبت على هذا الخاطر بسرعة ، وتوجهت نحوها بثقة هذه المرة ، لاحظت أنها ذكر .. الوجه الكبير سداسي الزوايا الذي كان يحدق فيّ جعلني أدرك هذا في ثوان .. كنت مصمماً هذه المرة أنه سيركض من أمامي هذه المرة .. فكرت في مزيج من الـ"بخخخخ" ..أنطقها من الحلق مباشرة ، وربما ركلة لو لم يتحرك ،
لكنها ظهرت قبل أن أقترب منه ..

لم تقل " لو سمحت " إلا بعدما تمتمت شيئاً شبيهاً بالبسبسة المترددة .. نظرت نحوها دونما تمييز ، وهي سألت إن كنت أعرف مطعم (على كيفك) .. سألتها إن كان قريباً من هنا ، وقالت أنها لا تعرف .. هززت رأسي قائلاً أنني لست من هنا على أي حال .. يمكنها أن تسأل أي مار .. وهي لم تقل حتى شكراً ، ومضت في الطريق الذي جاءت منه .. نظرت لهدفي الذي تركته لثوان ، ولم أجده .. نظرت لأعلى السور المجاور فوجدته عند أعلى نقطة ، ينظر لي .. شعرت أني بدأت في الجنون ، وأنني الآن سأبدأ في السير في الطرقات أرتدي أسمالاً بالية قائلاً أن القطط تنظر لي ، وربما أنها ترسل لي رسائلاً خاصة كذلك .. سببته بصوت عال ٍ .. و قررت أن أترك هذا المكان بالكامل ..

لكنني حينما نظرت أمامي ، وفي تلك اللحظة تحديداً ، كان صوت العجلات يصم آذان الشارع بأكمله ، والفتاة التي كانت واقفة هنا منذ لحظات ، كانت هناك ، منكمشة على نفسها ، متجمدة من الرعب ، رافعة منكبيها لأعلى حتى كادت رأسها تختفي بين كتفيها ، وسيارة لا بأس بحجمها متوقفة على بعد شبر منها .

المتابعون