الجمعة، 30 مايو 2008

Perfume


اللمة لما تحلى فيه ساعة العصاري ,
تفتح مزاد ع الحب , تلقى ألف شاري .
شاهد بيفضل من البداية للنهاية ..
ولكل ركن في قلبه يحكيلك حكاية .
وكفاية لما بتلاقية , فاتح دراعة بيناديك ,
و يقول تعالى في حضني دا أنت واحشني موت .
** ** ** **
( محمد منير .. طعم البيوت )

الخميس، 29 مايو 2008

المطيباتي لا يجد من يساعده


أنا أفشل بشري على وجه الكرة الأرضية يلعب دور "المطيباتي "
لهذا السبب لم أجد شيئاً أقوله , بعد أن انتهت من الشكوى المرة.. لم أجد إلا زم فمي , وعقد حواجبي , في إشارة كنت أدعو الله أن تلتقطها , أنني أفهمك , أنني أفهم ما تعانينه , وأنا في الواقع , لا هذا , ولا ذاك ..
_ "حاسّة بمرار"
هكذا قالت .. أنا شعرت أنني حزين فعلاً من أجلها .. طالما تحس بمرار , فالأمر خطير فعلاً..
أكملت :
_ " كل ما أبلع ريقي .. إحساسي ساعتها اني بالعة علقم "
وأنا , في هذه اللحظة , فكرت أن قليلاً من المزاح , الآن وحالاً , سيكون له أثر إيجابي لا بأس به مطلقاًَ , و ربما تتحقق المعجزة ويزول المرار اللعين .
لهذه الأسباب أبتسمت وأنا أقول :
_ " غالباً عندك زكام "
ولما رفعت لي عينيها , بعدما كانت تضعهما في الأرض , هززت كتفي مستمراً في المزحة :
_ " أو حصبة "
وهي ثبتت نظرها عليّ دونما حركة واحدة , ثم أزاحت عينيها بحركة حادة , تطاير خلالها بعض الماء من العين , بطريقة أثارت ذهولي .. فتحت فمي , غير قادر على قول أي كلام .. وثبتْ عيني على بقعة صغيرة للغاية , ما سببتها قطرة ماء , كانت منذ لحظات في عينيها ..
وفكرت أن الزكام , لا علاقة له غالباً بالأمر .
** ** ** **
العنوان مستوحى من عنوان رواية ماركيز : " الجنرال لا يجد من يكتب له "

كل عام , وأنت الأروع



27 مايو

الجمعة، 23 مايو 2008

إكتئاب أحادي البؤرة


_ " هو أحنا معقدين زيادة عن اللزوم ؟ "
ولما صمتت طويلاً أيقنت أنها تسأل .. لا تقول جملة تقريرية .. أضفت علامة الإستفهام في رأسي , وأنا أكاد أتكلم , ثم أصمت , وأحرك رأسي قليلاً لأتيح لدماغي التفكير في السبب الذي يدعوها لتسأل السؤال بـ " إحنا " , في حين أنني لست من يشكو منذ نصف ساعة ..
ارتديت سمت الحكيم .. استطالت لحيتي البيضاء كثيراً , وأصبحت أرتدي الآن هلاهيل بيضاء ..
ثم قررت أن هذا سخيف جداً .. بل وتقليدي .. لماذا لا يرتدي الحكيم ملابساً أنظف قليلاً , دعنا من الصوفية الآن رجاء ..
عدت لملابسي السعيدة , ابتسمت بسمة الحكماء , وأنا أقول :
_ " شوفي .. "
ثم أضع قدماً فوق قدم , بإعتباري مثقف تقدمي , ما بعد حداثي , حيث هذه الجملة تحديداً توحي بالكثير من الكلام غير المفهوم ..
ولما نظرت لي منتظرة .. بدأت أحرك يدي حركات دائرية وأنا أمط شفتي , كثيراً كثيراً .. وأبحث عن شيء أقوله ..
طال البحث أكثر مما توقعت , عندها قلت لها في إستسلام وأنا أنظر بعيداً :
_ " في حاجة غلط " .

الخميس، 22 مايو 2008

رمال متحركة


بعد أن انتهت من عزف لحن أغنية (whenever i say your name ) لـ Sting .. إبتسمت مربتة على الجيتار رائع اللون, وهي تقول لي :
_ " أي خدمة يا زعيم "
وانا شكرتها , تأملت الجيتار مرة أخرى , في حين ابتسمت هي مرة أخرى محتضنة الجيتار , وكأنها تشكره قائلة :
_ " أنا أقدر أعمل بدا أي حاجة "
وأنا غلبتني رغبة سخيفة في قول كلام أبلة :
_ " أي حاجة ؟ "
_ " أي حاجة "
_ " أي أي حاجة ؟ "
_ " أي أي حاجة "
_ " حتى البتنجان ؟ "
تراجعت برأسها , بحركة رأيتها قريبة من الفزع .. عقدت حاجبيها , في ثوان , عادت تبتسم , ثم قررت _ على الأغلب _ أن تشاركني العبث , فقالت :
_ " حتى البتنجان "
لكنها للأسف .. لم تلحظ حين قالت ما قالت أنني لاحظت أنها حركت عينيها نحو اليسار أولاً , وحكت أنفها ثانياً .. ورمشت بعينيها ثالثاً , كلها علامات على الكذب ..
ابتسمتُ , ولم أعلق .. أنتظرت هي بضع دقائق ثم عادت تقول :
_ " والله أقدر "
وأنا لم أعلق .. بدت هي بائسة حقاً , وهي تحاول إقناعي , وتقول :
_ " والله بجد أقدر .. "

الاثنين، 19 مايو 2008

قال الراوي


يناوشني وجهك ِ وأناوشه مثل قط وفأر .. يظهر , ليخفتي . ويختفي , ليظهر . أحاول أن أقبض عليه , فيتلاشى . وأتناساه , فيعود متلمساً خطواته . وما أن أدير رأسي نحوه , حتى يعود للعدم . وكأنه لم يوجد قط .
يناوشني وجهك ِ وأناوشه .
ويحيرني مثلما لم يفعل وجه .. لعل هذا هو سبب هيامي , وأساسه . أنني لا أجد لوجهك وصفاً , أو صفة , أو حتى حالة . يمكر و أنت طيبة . ويصبح كالطفل حين تكونين أنت كثعلب . يكون ماجناً في لحظات طـُهرك ِ كالقديسات .. ويكون مثلهن حين تتحولين أنت ِ لتؤدي دور اللعوب في فيلم عربي قديم , وتكادين أن تقولي لي : " ينيلك يا منيل " .. بعد ضحكة خليعة ذات ترددات متداخلة ..
يحيرني وجهك , مثلما لم يفعل وجه .
وملامحكِ هي من عجائب الدنيا . هي اللا شيء , وكل شيء . في كل لحظة , هي كل ما أريد , وجل ما أخاف .. هي النغمات السليمة , وكذلك الأصوات النشاز .. هي الألون الأساسية الرائعة الفتنة , والألوان الفسفورية , متناهية القبح .
في لحظات , أنظر لك محاولاً فهم كيف أجتمع كل تناسق الدنيا في تلك المساحة المحدودة , متناهية الإتساع . وأحياناً يتحول التناسق لشيء مخيف , يجعلني أجفل , وأهرب منك أنا هذه المرة , لأن ما أراه يتجاوز خطوط المنطق , بل يمحو تلك الكلمة من الوجود .
أما ما يدعو للذعر فعلاً , هو ذاك الأمر الذي لم أخبر به أحداً , ولن أفعل .. من سيخبر الناس أنه يملك تنيناً ينفخ النار في قبو بيته ؟! .
ما لم أقله , لن تصدقيه أنت ِ نفسك ربما , أنك أحياناً تكونين على بهاء "ليلى مراد" . ذات الوجة بتشابة مطلق لا شك فيه , أنظر لك , أبتسم في إنبهار . حينها .. وكأنك ترفضين أن أراك ِ كما أرغب أنا وأريد .. يتبدل الوجه .. يتساقط .. لا يبقى إلا عظام وجهك ِ مكتوب على من يراها اللعنة .. وتبتسمين , وأنت ِ تلاحظين الذعر بلا حدود على وجهي ..
أما المأساة .. فهي حين أتابع وجهك ِ وسط الناس .. لو كان وجهك يتلون وحده مرة , فهو يفعل وسط الجمع ألفاً .. حين أتابعه محاولاً تمييزه , يفعل الأفاعيل حتى لا يمكّنني من ذلك وحين أفقده , أخيراً . وتنتابني خيبة الأمل كالعادة , تظهرين من خلفي فجأة حين أستدير , لتقولي في هدوء قاتل :
_ " معاك اتنين جنية سلف ؟! " .

السبت، 17 مايو 2008

هزة رأس


أجفل , فأستيقظ ..
نغمة الرسائل تتصاعد برتابة من هاتفي , فأفكر أنني لابد أن أغيرها قريباً .. أنظر بطرف عيني نحو الزاوية اليسرى العلوية من الشاشة .. الثامنة .. نمت عشر دقائق , ياللسعادة .
أقرأ الرسالة وأبتسم .. "kol 3am w enta haik" .. أنا مستغرب أصلاً انه يتذكرني , فما بالك حين يتذكر عيد ميلادي ..
لعل رسائلة هي الوحيدة التي أقرأها بلغة الفرانكو آراب المقيتة ولا أمتعض , اعترفَ هو أن من الغباء أنه أشترى هاتفه من هناك , حيث يتحدثون الإنجليزية بصعوبة أصلاً ..
كنا قد أتقفنا قبل أن يسافر , أنه حين يبعث لي برسالة , مهما كان الوقت , ومهما كانت حالة رصيدي , فأني سأبعث الرد ..
يقول أن غربة اللغة مقيتة فعلاً , وأصدقه ..
يقول أن من معه في الغرفة هناك , فتى عربي ولكنه لا يتحدث بكلمه ,
يقول أن الفتى من أغرب ما رآي .. يقضي ليله بالكامل بالخارج , يعود مترنحاً , فيلقي بنفسه على السرير لينام كالبغال القتلى , ثم يستيقظ , فيمسك كتابه , ويبدأ الإستذكار دون كلمه ..
كنت سأتقبل هذا الحديث حين يصدر عن غربي لأني أعتدت هذا منهم , لكن عن عربي ؟ .. يبدو الأمر غريباً بعض الشيء ..
رصيدي متوفي تقريباً منذ فترة , لكن ما تبقى يمكنه التكفل بأمر رسالة .. أتمنى ..
أشكره على رسالته , وأقول له أن يدعو لي لأن اليوم إمتحاني الشفوي ..
بعد وصول رسالتي بدقيقة , وأنا أغسل وجهي , سمعت صوت هاتفي .. خرجت مبلل الوجة وأنا واثق أنه هو ..
_ " ألو "
_ " كيفك يا ( .... ) "
_ " إحم .. الله يكرمك .. اخبارك إيه "
_ " ماشي الحال " ثم صمت للحظات :
_ " معي دقيقة واحدة .. إسمع "
فأسمع ..
ينتهي قبل الدقيقة فيقول لي مباشرة :
_ " معك 20 ثانية .. اتكلم "
فأتكلم ..
يُقطع الخط فجأة .. حسناً .. لا بأس .. هو بخير .. لن يتزوج من الفتاة التي قال انه سيتزوجها .. الوضع خانق , وهو يفكر في العودة ( لن يفعل ولو رقصت الأسود الفالس وهي تأكل الفشار ) ..
لا بأس .. قلت له أنني بخير ( ولست ) وأن أمور تسير على ما يرام ( وليست ) , وأنني أقرأ بشكل مهول هذه الأيام .. وإن إمتحان مهم للغاية قطم وسطي بالإمس .. وأنه يجب أن يقرأ رواية 1948 .. وأنني سأموت من الحنين في أقرب فرصة ..
قال هو في نهاية الحوار :
_ " خليك جد .. "
وهي ما تعني طبعاً " جدع " ولكنها من الممكن أن تقبل كـ " جد " لأنني لست كذلك أيضاً ..
بعد أن أعود لغسل أسناني .. أسمع صوت الهاتف مرة أخرى .. الهاتف الأرضي لا يرن إلا لثلاث أسباب ..
الإحتمال الثاني يكون هو الصواب :
_ " أنت لسه نايم ياض "
أقول :
_ " صحيت من شوية يا متخلف .. وبلاش ياض عشان بكرهها الله يكرمك "
يقول هو لأنه متخلف :
_ " ماشي ياض "
وينفجر في الضحك .. سمعت هذه الدعابة ما يقرب من الألف مرة .. أصارحه بهذه الحقيقة ويقول لي أن هذا أجمل , لأنه يتفوق في المقارنات دوماً ..
أستعوض الله في أصدقائي ..
_ " هتنزل الإمتحان ولا مش ناوي "
_ " هتعدي عليا أمتا "
_ " اممم .. ربع ساعة كدا "
حسناً .. هذا يعني أن أمامي نصف ساعة لأجهز .. أغلق الخط ..
ماذا ستفعل في يوم عيد ميلادك يا فتى ؟
لماذا لا نبدأ بالشوكولاتة .. أو بقراءة شيء ما .. أو بالنظر في النافذة .. أو بإرتداء ملابسي .. أو بسماع مارسيل خليفة .. أو فيروز .. ربما ماجدة الرومي .. ربما لا شيء من هذا ..
افتح التلفزيون فتظهر ( ميريام فارس ) .. أفكر في أي سنة لعينة هذه التي تبدأ بـ( ميريام ) .. امممم .. ليس الوضع بهذا السوء لو نظرنا للأمر من زاوية أخرى ..
أحاول أن أتذكر كليبها الأخير .. ذلك الذي تستعرض فيه قدرتها على إعطائنا أكبر كم ممكن من زوايا الرؤية .. حسناً .. هل أنا أتخيل أم أنها تحاول التركيز على " رسالة " معينة .. عموماً دع الخلق للخالق .. يارب يكون في الثلاجة شوكولاتة .. وتكون مفاجأة عيد ميلادي السعيدة , " فلوتس " ولنسجد لله شكراً , أشتريت هذه الشوكولاته منذ شهر تقريباً , وهي الوحيدة المتبقية .. أفكر وأنا أستشعر الطعم المحبب ..
أفكر أنني مرهق حقاً .. فلنر ما أخبار السرير الآن .. لكن .. فلنبدأ العام الجديد بالإستحمام .. بالظبط .. فضلاً عن روعة المياة في حد ذاتها يمكنني الآن التحدث عن التطهر , وعن البعث , والولادة من جديد .. يبدو هذا رائعاً فعلاً . لا , لا يبدو .. لا توجد مياة ساخنة !
أنا غبي .. أنا غبي .. أطفأت السخان بالأمس لأن فاتورة الكهرباء جعلتني أحسد الإنسان البدائي .. قال لي محصل الكهرباء أن السبب _لامؤاخذة حضرتك_ هو السخان .. وأن الحل _ لامؤاخذة حضرتك _ أن أطفأه هذه الأيام , لأن هذه الأيام _لامؤاخذة حضرتك_ صيف ..
بالطبع يمكنني الآن أن أتحدث عن الترف اذي أعيش فيه و عن الرجولة الضائعة في هذا الزمن , لو كان أبي موجوداً كان سيتحدث بالطبع عن جدي الذي كان يستحم بمياة باردة في عز الشتاء .. لكني للأسف لست رائق البال لكل هذا الكلام .. هناك مصيبة عدم وجود مياة ساخنة الآن ..
مياة باردة ؟ .. لم لا ؟ ..
** ** ** **
يا نهار أسود !
لم أتخيل أن الأمر سيكون بهذه الصعوبة .. أفكر وأنا أرتجف , وأجفف جسدي بفوطة مرسوم عليها عصفورة , وشمس , أن الأمر قاسي فعلاً .. قاسي لدرجة لا يمكن تخيلها , ثم أفكر أنني سخيف فعلاً .. أنا أصف الإستحمام تحت مياة باردة بالقسوة .. هذا سخيف .. سخيف لدرجة أنه حقيقي .
قضيت وقتاً لعيناً تحت المياة الباردة أقوم بحركات خرقاء لبعث الحرارة , وأصدر أصواتاً مثل : " اوووووف .. اوووووف "
أبتسم , وأقرر أن أسمع ماجدة الرومي .. نعم .. بداية عامي العشرين ستكون بماجدة الرومي ..
لحظات , ويتصاعد صوتها صادحة : " لا بدي تراضيني , ولا بدي تحاكيني .. لا تصبحني ولا تمسيني " .. يصلني وأنا أحضر النسكافية من الداخل ..
أسمع صوت هاتفي المحمول , وأنا أخرج من باب المطبخ .. أرتدي ملابسي دون الإلتفات له , وعندما يستمر في الرنين , أضغط رز "صامت " دون أن أنظر حتى من الذي يتصل .. أستمع لها وهي تقول : " إنساني أعمل معروف " , وأنا أشرب بهدوء .. لماذا لا تستمر هذه اللحظات للأبد ؟! .
بعد أن تنتهي الأغنية .. أقرر أني سأسمع " سمراء النيل " .. أحب هذه الأغنية , كانت هذه هي أول أغنية أتعرف فيها على كيان يسمى ماجدة الرومي .. قبلها كنت أسخر أنا وأخي منها .. كنا نغني ( كن صديقي ) بضحك هستيري بعد ان ننطقها ( كون صديكييي ) ..
" كرقص الريح بفستان"
مين أين يأتون بهذا الكلام ؟
أتحدث مع صديقي حين يتصل مرة ثانية , يسألني إن كنت قد نمت , أبتسم للحظات , وانا أقول له أنني غفوت قليلاً .. يقول لي أنه ينتظرني في الأسفل .. أقول له أن ينتظر عشرة دقائق .. يخبرني أن الإمتحان تبقى عليه ربع ساعة .. وأعيد طلبي .. أقول له أن الإمتحان شفوي لهذا يمكننا الذهاب متأخرين قليلاً ..
_ " هتعمل ايه يعني في العشر دقايق دول ؟ "
_ " هسمع سمراء النيل بتاعة ماجدة الرومي "
يضحك هو .. حسناً , من الجميل انه ظن أنني أمزح , لأنني لا أحب أن أًشتم مرتين في يوم واحد .
أعود للكاسيت , ما زلت أتعامل مع هذا الجهاز في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن ( الإم بي ثري) ومشتقاته .. ما زلت أجد الكاسيت حميمي جداً , مقرب جداً ..
أترك ماجدة تكمل :
" كالأرض حميمة وبهية , كالشمس قديمة و صبية "
وأعيد الأغنية من بدايتها .
** ** ** **
أول ما ألاحظه وأنا أهبط السلم أنني أشم رائحة التقلية .. رائع .. رائع رائع رائع رائع .. عيد ميلادي حتى الآن يحقق أرقاماً قياسية في إسعادي .. يمكنني الآن أن أضيف التلقية للموضوع ..
من يا ترى قرر أن اليوم مناسب للملوخية ؟! .. وهو مناسب فعلاً ..
أقترب من كل باب لبعض الوقت , أغمض عيني و وأشم بعمق .. بعمق .. أركز .. لا .. ليس من هنا ..
حتى أجد مركز الرائحة .. الله الله .. لا أذكر الإسم .. لكن هذه المرأة نًفًسها في الطبيخ عبقري السحر .. يا خرابي ..عبقري بمعنى الكلمة ..
أمنع نفسي بصعوبة من الإبتعاد .. هناك قصة بديعة لجحا حين قام بأكل الخبز على رائحة الشواء .. فطالبه البائع بثمن الرائحة .. أحببت هذه القصة فعلاً .. أذكر حتى أين قرأتها أول مرة .. ماجد .. قصة مصورة .. الصفحة قبل الأخيرة .. بعدها بصفحة كانت موزة الحبوبة وشقيقها رشود غالباً .. ياااااه .. منذ فترة لم أشتر مجلة ماجد .. أقرر أنني سأشتريها اليوم ..
كان أبي يفضل أن يشتري لي ماجد عن ميكي .. كان ينظر للأمر من نظرة تعليمية بحتة .. ميكي لم يكن فيها غير المغامرات لا أكثر .. لكن ماجد , كانت مجلة شاملة حقاً .. لكن مغامراتها كانت مملة نوعاً ما .. أصلاً أي شيء ممل لو قورن ببطوط ..
أرى صديقي واقفاً ينتظر في هدوء , أشكر له هذا في سري , وأقرر أنني مدين له بشيء حين يطلب مني خدمة ..
_ " كل سنة وانت طيب يا زعيم "
أبتسم :
_ " وأنت طيب .. عرفت منين ؟ "
_ " الفيس بوك ! "
_ " الله يخرب بيت الفيس بوك ياسيدي "
وأتذكر :
_ " ثم أنت أصلاً مش عندي "
يقول هو في هدوء :
_ " ايوا .. بس غيري عندك .. وغيري عرف .. وغيري قالي "
أهز رأسي ..
_ " عملت إيه إمبارح في الإمتحان النظري ؟ "
أهز رأسي .. لماذا تصر الدنيا على أن تنكد علي بشكل أو بآخر .. أقول :
_ " يعني .. "
يصمت هو للحظات :
_ " يعني إيه ؟ "
_ " يعني يعني "
يصمت هو للحظات أطول :
_ " واضح فعلاً "
_ " أي خدمة "
ثم أتذكر شيئاً ما :
_ " كلمني عن الـ jaundice .. (الصفراء) "
_ " إشمعنا "
_ " عشان ما أعرفش عنها حاجة .. خالص تقريباً "
_ " إسمع "
فأسمع ..
حسناً .. الأمر بسيط .. الصفراء هو إصفرار لون الجلد , خصوصاً الوجة .. حين تحدث مشكلة في العصارة الصفراوية التي يتم إفرازها من المرارة ..
_ " جميل ؟ "
_ " جميل "
يسألني عن العصارة الصفراوية من أين تأتي أصلاً .. أجيبه أنها من تكسير خلايا الدم الحمراء حين تصل للشيخوخة .
_ " كدا فل "
الآن هناك ثلاث أسباب لحدث الصفراء .. مشاكل في خلايا الدم .. أو مشاكل في الكبد الذي يقوم بتكسير خلايا الدم هذه .. أو مشاكل في المرارة , التي تقوم بإفراز هذه المادة ..
_ " جميل ؟ "
_ " جميل "
حين ينتهي ينظر لي ضاحكاً ويقول :
_ " إحنا في جامعة يا ريس .. المفروض نحصّل معلومات , مش نلم في آخر شهرين "
أضحك أنا وأقول :
_ " قصدك عليا يا حقير "
_ " لا يا عم .. انت بتلم في آخر ساعتين "
أضحك وأنا مستمر في السير ..
** ** ** **
يتم النداء علي أخيراً , أمسك الورقة التي سيُكتب فيها الأسئلة .. يتم دفعي نحو غرفة ما .. أتمتم أن " ربنا يستر " .. تشير لي المعيدة نحو مكتب ما تجلس خلفه دكتورة مبتسمة .. صبوحة الوجة .. أفكر أن بها لمسة طفولة واضحة , ربما ما جعلني أقول هذا , هو ذيل الحصان الذي تربطه بتوكة ميزت لونها حين ادارت وجهها للحظات ..في أوائل الخمسينات تقريباً .. المعيدة همست لي " يا بختك " , وأنا كررت "ربنا يستر " بقوة أكبر .. لم يقل لي أحد " يا بختك " وسارت الأمور على خير ... " ربنا يستر " بقوة أكبر .
حين جلست أمامها , إتسعت إبتسامتها .. قالت لي في هدوء :
_ " صباح الخير يا ..
نظرت في الورقة ثم نطقت إسمي , وهي تسألني عن إسم أبي الذي لم يكن واضحاً . قلت لها , فأبتسمت وقالت :
_ " عاشت الأسامي "
" ايه الناس اللي زي العسل دي " .. فكرت .. ثم هززت رأسي وأنا أكرر " ربنا يستر " ..
سألتني :
_ " تحب أسألك في إيه ؟ "
وأنا بدأت أستشعر الخدعة .. النصائح لا تعرف المزاح .. حين يسألك الممتحن عن الشيء الذي تحب أن يسألك فيه , لابد أن تبتسم بملائكية , وتحني رأسي في خفر , ويكون من الرائع لو تورد وجهك , ثم تقول في خفوت :
_ " اللي تشوفه "
ابتسمت بملائكية , وحنيت رأسي في خفر , وكان من الرائع حقاً أن وجهي تورد , وقلت في خفوت :
_ " اللي تشوفيه "
ابتسمت هي وقالت :
_ " تعرف تكلمني عن ال jaundice "
فتحت فمي في بلاهة .. لا يعقل .. لا يعقل .. لا يعقل ..
نظرت لها , وكدت أرى الجنية التي تهديني قبلة وهي تقف على كتفها الأيمن ..
إبتسمت في ثقة .. وأنا أكاد أقول : " الjaundice دي لعبتي أصلاً "
شرحت لها ما سمعته دون زيادة كلمة .. ابتسمت في رضى , وسألتني عن وظيفة القزحية , الجزء الملون من العين , وأنا أبتسمت , وأنا ألمح الجنية ترقص السامبا الآن , شرحت لها ما أعرفه , وهي أبتسمت في رضى ثم قالت :
_ " عملت إيه في إمتحان النظري إمبارح "
وأنا لم أنظر لها , وأنا أقول :
_ " يعني "
كانت الجنية توقفت عن الرقص , وبدأت تلم حاجياتها أستعداداً للرحيل .. كان هذا حين أبتسمت وهي تقول لي :
_ " ربنا يوفقك .. "
وقلت أنا :
_ " شكراً "
وحين خطوت خارج الحجرة , بعد إنتهاء لجنة الشفوي الثانية كنت أبتسم وأنا أغني :
_ " ورينا القوة .. يا بني أنت وهوا .. مين عنده مروّة .. وعاملي فتوة "
وأفكر أن صلاح جاهين عبقري .. وأن الشيخ سيد , لن يتكرر
** ** ** **
" مسا التماسي .. مسا التماسي .. يا ورد قاعد على الكراسي "
ثم أنتظر حتى أبتلع ما في فمي وأكمل :
_ " يااااااااا ليييل "
كنا جالسين أمام معرض أثاث يبدو رائعاً فعلاً .. المعرض في الدور الثاني , وأنا وجدت هذا غريباً قليلاً ..أشار واحد من أصدقائي نحو كنبة سوداء , أطرافها مطرزة باللون الفضي وقال :
_ " حلوة جداً "
وأنا وافقته , وأنا أنتهي من سندوتش الطعمية رائع الطعم ..
قال , أستعرف متى ستصبح رائعة فعلاً .. سأله واحد من مجموعتنا السعيدة الجالسة على الرصيف مستفسراً .. فأكمل هو :
_ " جمب البيانو كدا .. يعني مش تبع الصالون .. لا .. تكون كدا في المنطقة المحيطة بالبيانو .. بس انا مش هحط بيانو غالباً لأنها بتقول أنه هيزحم البيت "
_ " والنبي أنت وهي عسل "
هكذا صارحته , وأنا أبدأ سندوتش الفول ..الذي أكن له تقديراً أقل من الطعمية لكنه محترم طبعاً .. بطريقته الخاصة .
قبل أن أنتهي من سندوتش الفول الذي أكن له تقديراً أقل من العطمية .. مر علينا فتى قصير القامة يوزع أوراق إعلانات .. أعطى كل أعلاناً .. أمسكت الإعلان الخاص بي بأطراف أصابع ملوثة بالفول . ثم أنفجرت في الضحك وأنا أقرأ الإعلان الذي يقول بوضوح تام :
_ " ليه تعمل فرحك أغلى .. لما ممكن تعمله أرخص " ثم يؤكد قائلاً أن القاعة تقدم أرخص الإسعار في مصر كلها .. وأن الفرح سيكون من ليالي ألف ليلة وليلة ..
وهو أمسك الإعلان قائلاً أنها علامة من المؤكد .. وأنا وافقته ..هز رأسه , تنهد وصمت , وأنا بدأت أصنع المركب الورقي كعادتي مع هذه الأوراق .
** ** ** **
الفجر أخيراً ..
أجلس على الكرسي منذ التاسعة مساءً , وحتى هذه اللحظة .. الساعة الخامسة صباحاً .. أنتبه لأنها الساعة الخامسة لا لأن معي ساعة لا سمح الله , ولا لأني نظرت في واحدة .. بل لأن الأذان في هذا الوقت لا يعني إلا الفجر لا أكثر ..
حين أفكر أنها الخامسة .. أحاول أن أصرف هذه الفكرة عن رأسي .. لا يعقل أنني قضيت ثمان ساعات لا أفعل شيئاً إلا محاولة عد المربعات الرخامية في أرضية حجرتي , بطريقة تختلف عن ضرب عدد هذه المربعات الطولية في تلك التي بالعرض ..

الخميس، 15 مايو 2008

تعريف


المجاز المرسل هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الوضعي.


المتابعون