الخميس، 28 فبراير 2008

تــيــه


مضى وقت طويل حقاً ونحن نحاول التوصل لحل ما , ناقشت انا وهي الموضوع من كافة جوانبة , طرحنا كافة الإحتمالات التي يمكن ان تحدث , وتلك التي تقبع في قائمة المستحيل ..
الأمر لم يخل طبعاً من بعض الأعصاب المنفلتة , في لحظة ما وصفتني بالغبي , والمتردد , والمتخاذل . وأنا لم أشعر إلا وأنا أقاطعها قائلاً أنها التي لا تفهم , وأنها لو كانت مكاني كان كلامها سيختلف عن التخلف العقلي الذي تقوله الآن . وصمتنا معاً .
لا أنكر أن الأمر كان جميلاً أن أراها تهتم بما أعاني , وأن أراها تنفعل و وتخرج عن طورها الهاديء . كان الوضع مشتركاً , والمأزق واحداً , والقرار ستكون آثاره علينا معاً , لكنها كانت تحاول أن تفهمني حقاً , تحاول بشكل يختلف تماماً عن مجرد فهم الكلام .. كان هذا جميلاً , لكني لحظتها , كنت على وشك الصراخ , من أي شيء , مهما كانت درجة تفاهته
بعد صمت طال , سألتني بصوت مرتفع بعض الشيء وهي تفرد راحتيها تجاهي , وتهزهما وكأنها تمسكني أنا من قميصي :
_ " إنت عايز إيه ؟ "
خفضت رأسي عن مستوى نظرها , لبعض دقائق , نظرت للأرض دون تغيير في ملامحي أو في وضع جسدي .. ثم نظرت لها , فوجدتها تضع ذقنها على قبضة يدها , وتنظر للأرض على يمينها , ثم تنبهت لي فنظرت لي , بدت مترقبة لإجابة لا أملكها , حاولت البحث عن شيء أقوله , فتحت فمي , وأغلقته عدة مرات , وأنا أحرك يدي في شرح غريب لشيء لا أقوله , ولا أعرف ما هو أصلاً .
قلت أخيراً :
_ " معرفش "
رأيتها تبتسم بنكهة من خيبة أمل .. ولكنها رغم ذلك لا تقول شيئاً . هي تحاول ألا تقول شيئاً يزيد من معاناتي التي تعرف أنني أتخبط فيها , كطفل وحيد .
حتى حين قلت لها مؤكداً : _ " والله ما اعرف " , هزت رأسها , وهي تغلق عينيها .

الخميس، 21 فبراير 2008

سرياليزم



وأنا كنت جالساً في هدوء , أمامي صديقي يثرثر , وأنا أفكر في كمية الكاتشب التي يجب وضعها على سندوتش البطاطس لكي يكون جيداً .. "الجوع كافر .. الجوع كافر .. الجوع كافر .. الجوع كافر " .. وذهني عاجز عن التوقف .
وأنا كنت جالساً في هدوء , بجواري مجلة ميكي التي إشتريتها منذ لحظات , وحقيبتي على الكرسي المجاور , منتظراً أن يتم النداء علي الطعام الذي طلبت .
وأنا كنت جالساً في هدوء , ذلك الهدوء الذي انقلب إلى سرعة في الحركة وعبقرية في الأداء وأنا أضع الطعام أمامي , و أبدأ في إفناء وجوده المادي .
وأنا كنت آكل في هدوء , وصديقي لازال يثرثر , و الرجل الذي يجلس على الناحية المقابلة يميل عليه فجأة ويقول :
_ " هو النهاردة كام في الشهر يا رجالة ؟ "
بطبيعة الحال لم أنطق أنا بكلمة , و بدأت في التفكير في روعة الكاتشب مهما كانت كميته .
صديقي نظر في ساعته ثم قال :
_ " النهاردة عشرين "
الرجل هز رأسه وقال :
_ " آآآآآآآآة .. همممممممم"
صديقي نظر لي, وأنا نظرت له بطرف عيني , وانا أستمر في البلع .. وقبل أن يفتح فمه بكلمه وجد الرجل يميل عليه مرة أخرى ليقول :
_ " هو من يوم تسعة لعشرين كام يوم ؟ "
صديقي نظر لي , وقال للرجل وهو يصب بعض الماء في الكوب الزجاجي الذي أمامه , وأنا توقفت عن المضغ , ونظرت للرجل , ثم هززت كتفي و أنا أعود لنقاشي العلمي المهم مع التشيز برجر..
صديقي قال في هدوء :
_ " حداشر يوم "
الرجل عقد حاجبيه .. ونظر لي ثم قال :
_ " حداشر يوم .. آآآآآآآآة .. همممممممم .. "
ثم نظر لصديقي وأكد وجهه نظره :
_ " همممممممم"
صديقي نظر لي , وأنا كنت أشير له بحركات محمومة أن يأتيني بالماء لأنني سأختنق من الضحك !

الأحد، 17 فبراير 2008

إختيار


قد يبدو لك هذا الرأي غريباً ,
لكن صدقني , إحدى أهم نِعم الحياة , هي أن تمارس ( نط الحبل ) , ثم تقرر التوقف فجأة , لا لشيء إلا لأنك مللت القفز المتكرر كاللقلق , أو حتى لأن جسدك هده التعب من المجهود المستمر بلا إنقطاع .
صدقني , هذه متعة لا تُضاهى , أن يكون سبب توقفك , مكللاً بالعرق , شاعراً بروعة إرهاق جسدك بشكل قاسٍ , محطماً رقمك السابق , أو حتى مقترباً منه .. أن يكون السبب , هو أنك فقط , تريد هذا ..
أن يكون التوقف لأي شيء عدا أن قدمك اشتبكت بالحبل الذي تديره يداك حولك بسرعة , فسقطت أرضاً كجوال بطاطس ممتليء !

الجمعة، 15 فبراير 2008

: مفكرتي العزيزة


لم أتخيل يوماً في حياتي , أنني سأبدأ كتابة لي بهذه الجملة .. " مفكرتي العزيزة " ..على الرغم من أنني أكتب أحياناً مذكراتي , وأستمتع فعلاً بهذا في بعض الأحيان إلا أنني دوماً كنت أتعامل على أساس أني أكتب , لا أحكي لمفكرة ما , أو حتى لشخص تخيلي أمامي .
مفكرتي العزيزة :
مباشرة يستدعي ذهني تصورات ( بناتيه ) جداً لو صح التعبير .. (بطوطة) تحديداً بعد أن تحولت من (زيزي) , مغامرات تبدأ دوماً بهذه الجملة " مفكرتي العزيزة ".. ربما تعترف خلالها أنها تحب بطوط , أو تميل له أكثر من محظوظ على الأقل .. كنت أمقت محظوظ بشكل شنيع , وللغرابة لم يكن هذا لأسباب تتعلق بأني من معجبي بطوط المخلصين , بل لأنني أراه لا يستحق ( زيزي ) التي تحولت إلى ( بطوطة ) فجأة .. كنت أحب بطوطة فعلاً , ربما تحمل لي شخصيتها القوية , الأنثوية في نفس الوقت ما أحترمه للغاية في أي إمرأة . قوة الشخصية , شرط ألا يفقدها هذا ما تتميز به عن الذكور . ألا يحولها هذا لمجرد ذكر آخر لكنه يحمل الصيغة الكروموزومية X X
ربما تستدعي جملة ( مفكرتي العزيزة ) مباشرة في ذهني , ( ماجدة ) أو حتى ( فاتن حمامة ) بقدر من الصعوبة , ماجدة تجلس بقميص نومها على السرير وتدون في مفكرتها العزيزة كلاماً عن عماد حمدي , في الأوقات التي لا تكون فيها مشغولة بالتحدث معه في الهاتف , أو حتى الجلوس معه على كازينو الوردة , مرتدية فستاناً هفهافاً , لونه أبيض طبعاً .
حسناً .. سأحاول الآن أن أتناسى كل هذا , وأبدأ رغم كل هذا بجملة مفكرتي العزيزة .. ربما لأنها الأنسب ..
مفكرتي العزيزة :
تعرفين أنني لست من هواة( الفالنتين داي ) بكل أنوعه وبكل تفريعاته .
لا أعرف لكنني حقاً أشعر بالسخف أن يعبر المرء عن مشاعر في قمة الشخصية بهذا الشكل الفج , هل أقول الوقح ؟!
تعرفين أنني أكرهه كما أكره كل شيء يحاول أن يضع المشاعر , أي نوع منها , في قالب ما .. هذا اليوم , يجب أن تحب , هذا اليوم يجب أن تشتري لحبيتك دبدوباً ما , وردة , أي هدية , هذا اليوم لابد أن ترتدي أي شيء يحمل رائحة اللون الأحمر أو حتى درجة من درجاته , هذا اليوم يجب أن تتم قولبتك في قالب سخيف كبير أسمه عيد الحب ..
لا أعرف كيف يفترض بك يا مفكرتي العزيزة أن تعرفي عني كل هذا , لكن الأمر لا يحتاج منك إلا أن تعرفيني لمدة عشر دقائق .. هذه أشياء من المسلمات بالنسبة لي ..
ولكن , هناك أمر غريب أجدني أفعله أحياناً ,
أن أكتب ما فعلته في الأيام التي تحمل معنى , أي معنى , سواء كنت أحب هذا المعنى أم لا , المهم انه معنى ما .. كعادتي دوماً , غير منطقي , وأحاول أن أترجم غير منطقيتي دوماً , بل وأجد لها أسباباً تقنعني .
يومي اليوم كان بلا معنى . يختلف هذا عن الأيام الفائتة التي كانت بلا معنى , في حدث بلا معنى , أما اليوم , فهو الفالنتين , وهو يمر علي , ياللعجب , بلا معنى كالأيام التي تسبقه , تقولين لي ألا أبالغ , وأقتنع برأيك في الحال .. بالطبع أنا أبالغ , حسناً .. بعضها مر بلا معنى ..
أستيقظ من نومي , وأقضي يوماً ما , وأعود للنوم مرة أخرى ..
والفالنتين لم يختلف على أي حال ,
حسناً ربما أبالغ مرة أخرى ,
اليوم ضحكت بهستيرية أكثر من مرة , هناك أنواع من الضحك طبعاً , أقلها ضحك المجاملات الأبلة الذي لا أجيد إصطناعه على الإطلاق , وآعلاها الهرتلة .. أحب نفسي كثيراً عندما أصل لنيرفانا الضحك هذه .. عندها تتحول جملة مثل ( انا نسيت القلم ) إلى جملة قادرة على قلب الإنسان على ظهره مقهقهاً ..
اليوم لعبت ( بدون كلام ) مع أصدقائي , اليوم لعبنا ( سبت حد ) و الأجمل اننا كنا نلعب ببلاهة تليق بأطفال في السابعة ..
اليوم ركضت في أنحاء المبنى , الخالي طبعاً إلا منهم , فارداً ذراعي , صائحاً بصوت عالٍ جعله الصدى الآتي من المبنى الفارغ مخيفاً , " بووووووووتريكة الساحر , يا ترى مين وراهم ؟ "
اليوم ضحكت وضحكت وضحكت .. اليوم دمعت عيناي في النهاية وانا أحكي لهم نكتة ما , قطعت النكتة قبل النهاية لأنخرط في ضحك غريب , ضحك جعلهم يضحكون بشدة , ثم يتوقفون وهم ينظرون لي وأنا أستكمل الضحك عاجزاً عن التوقف ..
لم تكن نكتة : " مرة واحد جاله هبوط الدكتور كتب له باراشوت " تستحق كل هذا طبعاً , لكنني كدت أموت ضحكاً من روعتها اليوم .
لم يكن اليوم سيئاً .. بالطبع لم يكن كذلك ..
اليوم شربت عصير قصب حلو بجد .. منذ زمن وانا أشرب عصير مخلل بدلاً من القصب , لاأعرف هل أصبح من الصعب صنع كوب عصير قصب جيد واحد يتيم من أجلي ؟! ما هي مشكلة البشر تحديداً ؟!
لكني اليوم شربت عصير قصب حلو بجد .. بعد أن أنتهيت قال لي صديقي : " البتاع دا حلو على فكرة " إبتسمت وأنا أهز رأسي ..
من الجميل فعلاً أن تشرب عصير قصب حلو ..
ولكنني لازلت أشعر بالغضب من نظام القولبة الشهير .. أشعر بالغضب فعلاً .. كنت أتحدث مع أحد زملائي اليوم وبرر رأيي بأنني " غاوي نكد " من نوع فريد , ثم قال في لهجة العارف ببواطن الأمور , أنني حين " أقع في الفخ " سأكون أول من يحتفل بهذا العيد .. وهو ما وجدته تبريراً سخيفاً جداً .. قلت له في هدوء أنني سواء كنت " واقعاً في الفخ " أو " سأقع في الفخ " فأنني أجد فكرة أن أخبر الدنيا كلها بشعور في منتهى الخصوصية , ولا يخص إلا واحدة فقط على وجة الدقة .. فكرة بلهاء فعلاً تشابة فعلاً شعور الطفل بـ " بابا جاب لي عجلة ! " التي يقولها وهو يخرج لسانه , دعك من أن التشبية بالفخ , تقليدي جداً .
مفكرتي العزيزة :
هل أنا أبلة أم أنني فعلاً " غاوي نكد " أم متحذلق , أم ماذا بالظبط ؟!
مفكرتي العزيزة :
اليوم لعبت أول دور إستميشن في حياتي التي تخطت التسعة عشر ربيعاً , يبدو الأمر _ بيني وبينك _ مخجلاً لأن أصدقائي حين عرفوا أنني ما زلت حتى الآن لم ألعب ولا (بولة إستميشن ) هكذا يسمونها , شعروا أن عليهم واجباً من نوع خاص يكاد يكون مقدساً , إشتروا كوتشينة وجلسوا بصبر ليفهموني مصطلحات مثل ( لمّة ) و( القاطوع ), وضحكوا كثيراً حين أخبرتهم أنني لا أعرف أسماء الأشكال الإنجليزية , بل أعرفها كـ ( الكاروهات , والقلب , الشجرة , القلب الأسود ) .. كان أمراً في غاية الإحراج حقاً ..
المهم أنني قبل بداية اللمة قلت أنني سألم ثلاث لمّات .. طبعاً لو جاء الرقم أقل من هذا أو أكثر فأنا خاسر تقريباً ..
لم يأت لي إلا لمة واحدة فقط لا غير .. الأجمل أنهم إحتفلوا بالأمر بإعتبارها أول خطوة في طريق الإنحراف..
ولكني توقفت عند الرقم واحد .. تفتكري دي علامة على حاجة ؟!
مفكرتي العزيزة :
بيقولك مرة 3 صقور إتراهنوا مين هيصطاد أكتر , واحد راح ورجع ومنقاره عليه شوية دم , قال لزمايله : شايفين الصخرة اللي هناك دي , قالوا له آة , قالهم أنا أصطدت هناك أرنب .. التاني كان على منقاره دم أكتر , قالهم شايفين الصخرة اللي بعيدة أوي دي .. قالوله آة .. قالهم أنا أصطدت هناك غزال بقا .. التالت راح ورجع وكله متغرق دم .. قالهم شايفين العمود اللي هناك دا .. قالوله آة .. قالهم أنا بقا مشفتهوش

المتابعون